للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولان كالوالدين ومنهم من قال لا يستحق قولا واحدا لان حرمة الوالد أكبر فاستحق بها مع القوة وحرمة الولد أضعف فلم يستحق بها مع القوة فان كان للذى يستحق النفقة أب وجد أو جد وأبو جد وهما موسران كانت النفقة على الأقرب منهما لانه أحق بالمواساة عن الأبعد. وان كان له أب وابن موسران ففيه وجهان أحدهما ان النفقة على الأب لان وجوب النفقة عليه منصوص عليه وهو قول الله تبارك وتعالى «وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» (١) ووجوبها على الولد ثبت بالاجتهاد والوجه الثانى انهما سواء لتساويهما فى القرب والذكورية. وان كان له أب وأم موسران كانت النفقة على الأب لقول الله تبارك وتعالى «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» (٢) فجعل أجرة الرضاع على الأب وروت عائشة رضى الله عنها ان هندا أم معاوية جاءت الى النبى صلّى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان أبا سفيان رجل شحيح وانه لا يعطينى ما يكفينى وولدى الا ما أخذت منه سرا وهو لا يعلم. فهل على فى ذلك شئ؟

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خذى ما يكفيك وولدك بالمعروف) ولان الأب ساوى الأم فى الولادة وانفرد بالتعصيب فقدم وان كان له أم وجد أبو الأب وهما موسران فالنفقة على الجد لانه له ولادة وتعصيبا فقدم على الأم كالأب وان كانت له بنت وابن بنت ففيه قولان.

القول الأول ان النفقة على البنت لانها أقرب.

والقول الثانى انها على ابن البنت لانه أقوى وأقدر على النفقة بالذكورية وان كانت له بنت وابن ابن فالنفقة على ابن الابن لانه له ولادة وتعصيبا فقدم كما قدم الجد على الأم وان كان له أم وبنت كانت النفقة على البنت لان للبنت تعصيبا وليس للأم تعصيب وان كان له أم أم وأبو أم فهما سواء لانهما يتساويان فى القرب وعدم التعصيب. وان كان له أم أم وأم أب ففيه وجهان:

الوجه الأول انهما سواء لتساويهما فى الدرجة.

والثانى ان النفقة على أم الأب لانها تدلى بالعصبة.

وان كان الذى تجب عليه النفقة يقدر على نفقة قريب واحد وله أب وأم يستحقان النفقة ففيه ثلاثة أوجه.

أحدهما ان الأم أحق لما روى ان رجلا قال يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال أمك. قال ثم من؟ قال أمك. قال ثم من؟ قال أباك، ولانها تساوى الأب فى الولادة وتنفرد بالحمل والوضع والرضاعة والتردية.

والوجه الثانى ان الأب أحق لانه يساويها فى الولادة وينفرد بالتعصيب ولانهما لو كانا موسرين والابن معسر قدم الأب فى وجوب النفقة عليها فقدم فى النفقة له.

والوجه الثالث انهما سواء لان النفقة


(١) الآية رقم ٢٣٣ من سورة البقرة.
(٢) الآية رقم ٦ من سورة الطلاق.