للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا فرق (١). وفى جنين الذمية أيضا غرة عبد أو أمة، يقضى على عاقلة الضارب به فيطلبون غلاما أو أمة كافرين فيدفعانه أو يدفعانها الى من تجب له، فان لم يوجد فبقيمة أحدهما لو وجد، والقيمة فى هذا وفى الغرة جملة اذا عدمت أقل ما يمكن اذ لا يجوز أن يلزم أحد غرامة الا بنص أو اجماع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام» فأقل ما كانت تساوى الغرة لو وجدت واجب على العاقلة بالنص، وما زاد على ذلك غير واجب لا بنص ولا باجماع فهو ساقط‍ لا يجوز الحكم به. ولو أن ذميا ضرب امرأة مسلمة خطأ فأسقطت جنينا يكلف إن تبتاع عاقلته عبدا كافرا أو أمة كافرة ولا بد، ولا يجوز أن يبتاع عبدا مسلما ولا أمة مسلمة. والرقبة الكافرة تجزى فى الغرة المذكورة سواء كان الجانى وعاقلته مسلمين أو كانوا كفارا وانما الواجب عبد أو أمة فقط‍ (٢). ولا يجوز عتق الجنين دون أمه اذا نفخ فيه الروح قبل أن تضعه أمه ولا هبته دونها. ويجوز عتقه قبل أن ينفخ فيه الروح، وتكون أمه بذلك العتق حرة وان لم يرد عتقها. ولا تجوز هبته أصلا دونها، فان أعتقها وهى حامل - فان كان جنينها لم ينفخ فيه الروح فهو حر الا أن يستثنيه، فان استثناه فهى حرة وهو غير حر، وان كان قد نفخ فيه الروح - فان اتبعها اياه اذا أعتقها فهو حر، وان لم يتبعها اياه أو استثناه فهى حرة وهو غير حر. وكذلك القول فى الهبة اذا وهبها سواء بسواء ولا فرق.

وحد نفخ الروح فيه تمام أربعة أشهر من حملها وبرهان ذلك قول الله سبحانه وتعالى:

«وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً، فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً، فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً، فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً، ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ، فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ» (٣).

وعن عبد الله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ان خلق أحدكم يجمع فى بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله اليه ملكا فيؤمر بأربع كلمات:

فيكتب رزقه وعمله وأجله، ثم يكتب شقى أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح». فهذه النصوص توجب كل ما قلناه. فصح أنه الى تمام المائة والعشرين ليلة ماء من ماء أمه ولحمة ومضغة من حشوتها كسائر ما فى جوفها فهو تبع لها، لأنه بعضها، وله استثناؤه فى كل حال، لأنه يزايلها كما يزايلها اللبن، واذ هو كذلك فاذا أعتق فقد أعتق بعضها، فوجب بذلك عتق جميعها، ولا تجوز هبته دونها لأنه مجهول، ولا تجوز هبة المجهول.

وأما اذا نفخ فيه الروح فهو غيرها، لأن الله تعالى سماه خلقا آخر، وهو حينئذ قد يكون ذكرا وهى أنثى ويكون اثنين وهى واحدة، ويكون أسود أو أبيض وهى بخلافه فى خلقه وخلقه، وفى السعادة والشقاء. فاذ


(١) المرجع نفسه ح‍ ١١ ص ٣٤ مسألة رقم ٢١٢٨.
(٢) المرجع نفسه ح‍ ١١ ص ٣٧، ٣٨ المسألة رقم ٢١٢٨ نفس الطبعة.
(٣) الآيات رقم ١٢ الى ١٤ من سورة «المؤمنون».