للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآخر وليس كذلك اختلاط‍ اللبن بالماء واللبن مغلوب لأن الماء يسلب قوة اللبن أو يخل به فلا يحصل التغذى أو يختل (١).

ولو طلق الرجل امرأته ولها لبن من ولد كانت ولدته منه فانقصت عدتها وتزوجت بزوج آخر. وهى كذلك فأرضعت صبيا عند الثانى ينظران أرضعت قبل أن تحمل من الثانى فالرضاع من الأول بالاجماع لأن اللبن نزل من الاول فلا يرتفع حكمه بارتفاع النكاح كما لا يرتفع بالموت وكما لو حلب منها لبن ثم ماتت لا يبطل حكم الرضاع من لبنها كذا هذا وان أرضعت بعد ما وضعت من الثانى فالرضاع من الثانى بالاجماع لأن اللبن منه ظاهرا.

وان أرضعت بعد ما حملت من الثانى قبل أن تضع فالرضاع من الاول الى أن تضع فى قول أبى حنيفة. وقال أبو يوسف: ان علم أن هذا اللبن من الثانى بأن ازداد لبنها فالرضاع من الثانى وان لم يعلم فالرضاع من الاول وروى الحسن بن زياد عنه أنها اذا حبلت فاللبن للثانى وقال محمد وزفر الرضاع منهما جميعا الى أن تلد، فاذا ولدت فهو من الثانى وجه قول محمد أن اللبن الأول باق والحمل سبب لحدوث زيادة لبن فيجتمع لبنان فى ثدى واحد فتثبت الحرمة بهما كما قال: فى اختلاط‍ أحد اللبنين بالآخر بخلاف ما اذا وضعت لأن اللبن الأول ينقطع بالوضع ظاهرا وغالبا فكان اللبن من الثانى فكان الرضاع منه ووجه قول أبى يوسف أن الحامل قد ينزل لها لبن فلما ازداد لبنها عند الحمل من الثانى فدل أن الزيادة من الحمل الثانى، اذ لو لم يكن الحمل لم تكن هناك زيادة فى اللبن بل ينقص أو العادة أن اللبن ينقص بمضى الزمان ولا يزداد فكانت الزيادة دليلا على أنها من الحمل الثانى لا من الأول. ووجه رواية الحسن عنه أن العادة أن بالحمل ينقطع اللبن الأول ويحدث عنده لبن آخر فكان الموجود عند الحمل الثانى من الحمل الثانى لا من الأول فكان الرضاع منه لا من الأول ولأبى حنيفة ان نزول اللبن من الأول ثبت بيقين لأن الولادة سبب لنزول اللبن بيقين عادة فكان حكم الأول ثابتا بيقين فلا يبطل حكمه ما لم يوجد سبب آخر مثله بيقين وهو ولادة أخرى لا الحمل لأن الحامل قد ينزل لها لبن بسبب الحمل وقد لا ينزل حتى تضع والثابت بيقين لا يزول بالشك وأما قول أبى يوسف لما ازداد اللبن دل على حدوث اللبن من الثانى فممنوع أن زيادة اللبن تدل على حدوث اللبن من الحمل فان لزيادة اللبن أسبابا من زيادة الغذاء وجودته وصحة البدن واعتدال الطبيعة وغير ذلك فلا يدل الحمل على حدوث الزيادة بالشك فلا ينقطع الحكم عن الأول بالشك وقد خرج الجواب عما قاله محمد: ويستوى فى تحريم الرضاع الرضاع المقارن للنكاح والطارئ عليه لان دلائل التحريم لا توجب الفصل بينهما (٢) وبيان هذا الأصل فى مسائل: اذا تزوج صغيرة فأرضعتها أمه من النسب أو من الرضاع حرمت عليه لأنها صارت أختا له من الرضاع فتحرم عليه كما فى النسب وكذا اذا أرضعتها أخته أو بنته من النسب أو من الرضاع لأنها صارت بنت أخته أو بنت بنته من الرضاع وانها تحرم من الرضاعة كما تحرم من النسب. ولو تزوج صغيرتين رضيعتين فجاءت امرأة أجنبية


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع ح‍ ٤ ص ٩، ١٠ نفس الطبعة.
(٢) نفس المصدر ح‍ ٤ ص ١٠ نفس الطبعة.