للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأرضعتهما معا أو على التعاقب حرمتا عليه لانهما صارتا اختين من الرضاع فيحرم الجمع بينهما فى حالة البقاء كما يحرم فى حالة الابتداء كما فى النسب، ويجوز أن يتزوج احداهما أيتهما شاء لأن المحرم هو الجمع كما فى النسب فان كن ثلاثا فارضعتهن جميعا معا حرمن عليه لأنهن صرن أخوات من الرضاعة فيحرم الجمع بينهن وله أن يتزوج واحدة منهن أيتهن شاء. وان ارضعتهن على التعاقب واحدة بعد واحدة حرمت عليه الأوليان وكانت الثالثة زوجة لأنها لما أرضعت الأولى ثم الثانية صارتا اختين فبانتا منه فاذا أرضعت الثالثة فقد صارت أختا لهما لكنهما أجنبيتان من الزوج فلم يتحقق الجمع فلا تبين منه وكذا اذا أرضعت البنتين معا ثم الثالثة حرمتا والثالثة امرأته كما قلن.

ولو أرضعت الأولى ثم الثنتين معا حرمن جميعا لأن الأولى لم تحرم بمجرد الارضاع لعدم الجمع فاذا أرضعت الأخريين معا صرن أخوات فى حالة واحدة فيفسد نكاحهن.

ولو كن أربع صبيانه فأرضعتهن على التعاقب واحدة بعد واحدة حرمن جميعا لأنها لما ارضعت الثانية فقد صارت أختا للأولى فحصل الجمع بين الأختين من الرضاعة. فبانتا ولما أرضعت الرابعة فقد صارت أختا للثالثة فحصل الجمع فبانتا. وحكم المهر والرجوع فى مثل هذه المسائل يأتى فى المسألة الآتية وهى: ما اذا تزوج صغيرة وكبيرة فارضعت الكبيرة الصغيرة فأما حكم النكاح فقد حرمتا عليه لأن الصغيرة صارت بنتا لها والجمع بين الأم والبنت من الرضاع نكاحا حرام كما يحرم من النسب، ثم أن كان ذلك بعد ما دخل بالكبيرة لا يجوز له أن يتزوج واحدة منهما ابدا كما فى النسب.

وان كان قبل أن يدخل بالكبيرة جاز. له أن يتزوج الصغيرة لأنها ربيبة من الرضاع لم يدخل بأمها فلا يحرم عليه نكاحها كما فى النسب ولا يجوز له أن يتزوج الكبيرة ابدا لأنها أم منكوحته من الرضاع. فتحرم بمجرد نكاح البنت دخل بها أو لم يدخل بها كما فى النسب.

واما حكم المهر فان كان قد دخل بالكبيرة فلها جميع مهرها سواء تعمدت الفساد أو لم تتعمد لأن الأصل أن الفرقة الحاصلة قبل الدخول توجب سقوط‍ كل المهر لأن المبدل يعود سليما الى المرأة وسلامة المبدل لأحد المتعاقدين يوجب سلامة البدل للآخر لئلا يجتمع المبدل والبدل فى ملك واحد فى عقد المبادلة كان ينبغى الا يجب على الزوج شئ سواء كانت الفرقة بغير طلاق أو بطلاق الا أن الشرع أوجب عليه فى الطلاق قبل الدخول ما لا مقدرا بنصف المهر المسمى ابتداء بطريق المتعة صلة لها تطيبيا لقلبها لما لحقها من وحشة الفراق بفوات نعمة الزوجية عنها من غير رضاها فاذا أرضعت فقد رضيت بارتفاع النكاح فلا تستحق شيئا.

وأما الصغيرة فلها نصف المهر على الزواج عند عامة العلماء ولنا ما ذكرنا أن الفرقة من أيهما كانت توجب سقوط‍ كل المهر لما ذكر، وانما يجب نصف المهر مقدرا بالمسمى ابتداء صلة للمرأة نظرا لها ولم يوجد من الصغيرة ما يوجب خروجها عن استحقاق النظر لأن فعلها لا يوصف بالحظر وليست هى من أهل الرضا لنجعل فعلها دلالة الرضا بارتفاع النكاح فلا تحرم نصف الصداق بخلاف الكبيرة لأن اقدامها على الارضاع دلالة الرضا بارتفاع النكاح وهى من أهل الرضا وارضاعها جناية فلا تستحق النظر بايجاب نصف المهر لها ابتداء اذ الجانى لا يستحق النظر على جنايته بل يستحق الزجر