للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فان ثار للبكر لبن أو لثيب لا زوج لها فأرضعت به طفلا ثبت بينهما حرمة الرضاع لان لبن النساء غذاء للأطفال. فان ثار للمرأة لبن على ولد من الزنا فأرضعت به طفلا ثبت بينهما حرمة الرضاع لأن الرضاع تابع للنسب ثم النسب يثبت بينه وبينها ولا يثبت بينه وبين الزانى فكذلك حرمة الرضاع (١).

واذا ثار لها لبن على ولد من زوج فطلقها وتزوجت بآخر فاللبن للأول الى ان تحبل من الثانى وينتهى الى حال ينزل اللبن على الحبل فان أرضعت طفلا كان اللبن للأول زاد اللبن أو لم يزد انقطع ثم عاد أو لم ينقطع لأنه لم يوجد سبب يوجب حدوث اللبن غير الأول فان بلغ الحمل من الثانى الى حال ينزل فيه اللبن نظرت فان لم يزد اللبن فهو للأول فان أرضعت به طفلا كان ولدا للأول لأنه لم يتغير اللبن فان زاد فارتضع به طفل ففيه قولان.

قال فى القديم هو ابنها لان الظاهر ان الزيادة لأجل الحبل والمرضع به لبنهما فكان ابنهما. وقال:

فى الجديد هو ابن الأول لأن اللبن للأول يقين ويجوز أن تكون الزيادة لفضل الغذاء ويجوز أن تكون للحمل فلا يزال اليقين بالشك فان انقطع اللبن ثم عاد فى الوقت الذى ينزل اللبن على الحبل فارتضعت به طفلا ففيه ثلاثة أقوال القول الأول: أنه ابن الأول لأن اللبن خلق غذاء للولد دون الحمل والولد للأول فكان المرضع به ابنه والقول الثانى: انه من الثانى لأن لبن الأول انقطع فالظاهر انه حدث للحمل والحمل للثانى فكان المرضع باللبن ابنه والقول الثالث. انه ابنهما لان لكل واحد منهما امارة تدل على أن اللبن له فجعل المرضع باللبن ابنهما فان وضعت الحمل وأرضعت طفلا كان ابنا للثانى فى الأحوال كلها زاد اللبن أو لم يزد اتصل أو انقطع ثم عاد لان حاجة المولود الى اللبن تمنع أن يكون اللبن لغيره (٢).

وان وطئ رجلان امرأة وطأ يلحق به النسب فأتت بولد وأرضعت بلبنه طفلا كان الطفل ابنا لمن يلحقه نسب الولد لان اللبن تابع للولد فان مات الولد ولم يثبت نسبه بالقافة ولا بالانتساب الى أحدهما فان كان له ولد قام مقامه فى الانتساب فاذا انتسب الى أحدهما صار المرضع ولد من انتسب اليه. وان لم يكن له ولد ففى المرضع بلبنه قولان أحدهما انه ابنهما لان اللبن قد يكون من الوط‍ ء وقد يكون من الولد والقول الثانى: أنه لا يكون ابنهما لان المرضع تابع للمناسب ولا يجوز أن يكون المناسب ابنا لاثنين فكذلك المرضع فعلى هذا هل يخير المرضع فى الانتساب الى أحدهما فيه قولان: القول الأول: لا يخير لانه لا يعرض على القافة فلا يخير بالانتساب والقول الثانى يخير لان الولد قد يأخذ الشبه بالرضاع فى الأخلاق ويميل بطبعه الى من ارتضع بلبنه، ولهذا روى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «أنا أفصح العرب ولا فخر


(١) المرجع السابق ح‍ ٢ ص ١٥٦، ١٥٧.
(٢) المهذب لأبى اسحق الشيرازى ح‍ ٢ ص ١٥٧، ١٥٨.