بيد انى من قريش ونشأت فى بنى سعد وارتضعت فى بنى زهرة». ولهذا يقال يحسن خلق الولد اذا حسن خلق المرضعة ويسوء خلقه اذا ساء خلقها فاذا قلنا انه يخير فانتسب الى أحدهما كان ابنه من الرضاعة فاذا قلنا لا يخير فهل له أن يتزوج بنتيهما؟ فى ذلك الأمر ثلاثة أوجه: الوجه الأول منها وهو الأصح أنه لا يحل له نكاح بنت واحد منهما لأنا وان جهلنا عين الأب منهما الا أنا نتحقق ان بنت أحدهما أخته وبنت الآخر أجنبية فلم يجز له نكاح واحدة منهما كما لو اختلطت أخته بأجنبية، والوجه الثانى منها أنه يجوز أن يتزوج بنت من شاء منهما فاذا تزوجها حرمت عليه الأخرى لأن الأصل فى بنت كل واحد منهما الاباحة وهو يشك فى تحريمها واليقين لا يزال بالشك فاذا تزوج احداهما تعينت الأخوة فى الأخرى فحرم نكاحها على التأبيد كما لو اشتبه ماء طاهر وماء نجس فتوضأ بأحدهما بالاجتهاد فان النجاسة تتيقن فى الآخر. ولا يجوز أن يتوضأ به - والوجه الثالث منها انه يجوز أن يتزوج بنت كل واحد منهما ثم يطلقها ثم يتزوج الأخرى لأن الحظر لا يتعين فى واحدة منهما كما يجوز أن يصلى بالاجتهاد الى جهة أخرى ويحرم أن يجمع بينهما لان الحظر يتعين فى الجميع فصار كرجلين رأيا طائرا فقال أحدهما ان كان هذا الطائر غرابا فعبدى حر وقال الآخران لم يكن غرابا فعبدى حر فطار ولا يعلم انه غراب أو غيره، فانه يعتق على واحد منهما لانفراده بملك مشكوك فيه وان اجتمع العبدان لواحد عتق أحدهما لاجتماعهما فى ملكه.
وان أتت امرأته بولد ونفاه باللعان فأرضعت بلبنه طفلا كان الطفل ابنا للمرأة ولا يكون ابنا للزوج لان الطفل تابع للولد والولد ثابت النسب من المرأة دون الزوج فكذلك الطفل فان أقر بالولد صار الطفل ابنا له لانه تابع للولد وان كان لرجل خمس أمهات أولاد فثار لهن منه لبن فارتضع صبى من كل واحدة منهن رضعة ففيه وجهان.
الوجه الأول منهما: وهو قول أبى العباس ابن سريج وأبى القاسم الانماطى وأبى بكر بن الحداد المصرى انه لا يصير المولى أبا للصبى لأنه ارضاع لم يثبت به الأمومة فلم تثبت به الابوة. الوجه الثانى منهما: وهو قول أبى اسحق وأبى العباس ابن القاص أنه يصير المولى أبا للصبى وهو الصحيح لانه ارتضع من لبنه خمس رضعات فصار ابنا له وان كان لرجل خمس أخوات فارتضع طفل من كل واحدة منهن رضعة فهل يصير خالا له.
الحكم على الوجهين السابقين وان كان لرجل زوجة صغيرة فشربت من لبن أمه خمس رضعات انفسخ بينهما النكاح لأنها صارت أخته. وان كانت له زوجة كبيرة وزوجة صغيرة فارضعت الكبيرة الصغيرة خمس رضعات انفسخ نكاحهما لانه لا يجوز أن يكون عنده امرأة وابنتها فان كان له زوجتان صغيرتان فجاءت امرأة فأرضعت احداهما خمس رضعات ثم أرضعت الأخرى خمس رضعات ففيه قولان.
القول الأول: ينفسخ نكاحهما وهو اختيار المزنى لانهما صارتا أختين فانفسخ نكاحهما كما لو أرضعتهما فى وقت واحد.
القول الثانى: انه ينفسخ نكاح الثانية لأن سبب الفسخ حصل بالثانية فاختص نكاحها