للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجميع بدليل ما لو أعتق أحد الشريكين نصيبه من العبد.

وقال أبو الخطاب رحمه الله تعالى: ان وطئها بعد الشراء فهى أم ولد وكلام الخرقى رحمه الله تعالى يقتضى أن لا تكون أم ولد الا ان تحبل منه فى ملكه، وهو الذى رواه اسحق ابن منصور عن أحمد، وهو ظاهر المذهب لأنها لم تعلق منه بحر فلم يثبت له حكم الاستيلاد كما لو زنى بها ثم اشتراها، ولأن حملها منه اذا لم يفد الحرية لولدها فلأن لا يفيدها الحرية أولى، ويفارق هذا ما اذا حملت منه فى ملكه فان الولد حر فتحرر بتحريره وما ذكروه من أن الولد يزيد فيه الوط‍ ء غير مستيقن فلا يثبت الحكم بالشك ولو ثبت أنه زاد لم يثبت الحكم بهذه الزيادة بدليل ما لو ملكها وهى حامل منه من زنا أو غيره فوطئها لم تصر أم ولد وان زاد به الولد، ولان حكم الاستيلاد انما ثبت بالاجماع فى حق من حملت منه فى ملكه، وما عداه ليس فى معناه وليس فيه نص ولا اجماع، فوجب أن لا يثبت هذا الحكم، ولأن الأصل الرق فتبقى على ما كانت عليه (١). واذا وطئ الرجل جارية ولده فان كان قد تملكها وقبضها ولم يكن الولد وطئها ولا تعلقت بها حاجته فقد ملكها الأب بذلك وصارت جاريته والحكم فيها كما لو اشتراها، وان وطئها قبل تملكها فقد فعل محرما لقول الله عز وجل «وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ» (٢) وهذه ليست زوجته ولا ملك يمينه فان قيل: فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك .. فاضاف مال الابن الى أبيه بلام الملك والاستحقاق فيدل على أنه ملكه.

قلنا لم يرد النبى صلّى الله عليه وسلّم حقيقة الملك بدليل أنه أضاف اليه الولد وهو ليس بمملوك وأضاف اليه ماله فى حال اضافته الى الولد ولا يكون الشئ ملكا لمالكين حقيقة بدليل انه يحل له وط‍ ء ايمائه والتصرف فى ماله وصحة بيعه وهبته وعتقه ولان الولد لو مات لم يرث أبوه منه الا ما قدر له، ولو كان ماله لاختص به، ولو مات الأب لم يرث ورثته مال ابنه، ولا يجب على الأب حج ولا زكاة ولا جهاد بيسار ابنه، فعلم ان النبى صلّى الله عليه وسلّم انما أراد التجوز بتشبيهه بماله فى بعض أحكامه. اذا ثبت هذا فأنه لا حد على الأب للشبهة لأنه اذا لم يثبت له حقيقة الملك فلا أقل من أن يكون شبهة تدرأ الحد، فان الحد يدرأ بالشبهات، ولكن يعزر لأنه وطئ وطئا محرما فاشبه وط‍ ء الجارية المشتركة، وفيه وجه آخر انه لا يعزر لأن مال ولده كماله، ولا يصح لأن ماله مباح له غير ملوم عليه بخلاف وط‍ ء الأب فانه عاد فيه ملوم عليه، فان علقت منه فالولد حر لأنه من وط‍ ء درئ فيه الحد لشبهة الملك فكان حرا كولد الجارية المشتركة، ولا يلزمه قيمته لأن الجارية تصير ملكا له بالوط‍ ء فيحصل علوقها بالولد وهى ملكه، وتصير أم ولد لم تعتق بموته وتنتقل الى ملكه فيحل له وطؤها بعد ذلك، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعى فى أحد قوليه وقال فى الآخر: لا تصير أم ولد له ولا يملكها لأنه استولدها فى غير ملكه فاشبه الأجنبى ولأن


(١) المرجع السابق ج‍ ١٢ ص ٤٩٣ وما بعدها الى ص ٤٩٦ نفس الطبعة.
(٢) الآية رقم ٧ من سورة المؤمنون.