للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج أبو عبد الله بن حامد رحمه الله تعالى رواية ثالثة وهى أن الأمة تصير أم ولد، ولا تنقضى به عدة الحرة لأنه روى عن أحمد رضى الله تعالى عنه اذا وضعت شيئا فمسته القوابل فعلمن أنه لحم ولم يتبين لحمه فيحتاط‍ فى العدة باخرى ويحتاط‍ بعتق الأمة فظاهر هذا انه حكم بعتق الامة ولم يحكم بانقضاء العدة لأن عتق الأمة تحصيل للحرية فاحتيط‍ بتحصيلها والعدة يتعلق بها تحريم التزويج وحرمة الفرج فاحتيط‍ بابقائها، وقال بعض الشافعية بالعكس لا تجب العدة ولا تصير الأمة أم ولد لأن الأصل عدم كل واحد منهما فيبقى على أصله ولا يصح لأن العدة كانت ثابتة والأصل بقاؤها على ما كانت عليه، والأصل فى الآدمى الحرية فتغلب على ما يفضى اليها (١) وان أصابها فى ملك غيره بنكاح أو غيره ثم ملكها حاملا عتق الجنين ولم نصر أم ولد له، سواء ملكها حاملا فولدت فى ملكه أو ملكها بعد ولادتها وبه قال الشافعى رضى الله تعالى عنه لأنها علقت منه بمملوك فلم يثبت لها حكم الاستيلاد كما لو زنى بها ثم أشتراها لأن الأصل بقاء الرق، وانما خولف هذا الأصل فيما اذا حملت منه فى ملكه بقول الصحابة رضى الله تعالى عنهم، ففيما عداه يبقى على الأصل، ونقل ابن أبى موسى عن أحمد رضى الله تعالى عنهما انها تصير أم ولد فى الحالين وهو قول الحسن وابى حنيفة رضى الله تعالى عنهما لأنها أم ولده وهو مالك لها فيثبت لها حكم الاستيلاد كما لو حملت فى ملكه.

قال شيخنا رحمه الله تعالى:

ولم أجد هذه الرواية عن أحمد فيما اذا ملكها بعد ولادتها انما نقل عنه التوقف عنها فى رواية مهنا، فقال لا أقول فيها شيئا، وصرح فى رواية سواه بجواز بيعها، فقال لا أرى بأسا فى أن يبيعها، انما الحسن وحده قال انها أم ولد، وقال أكثر ما سمعنا فيه من التابعين يقولون أنها لا تصير أم ولد حتى تلد عنده وهو يملكها كان عبيدة السلمانى يقول ببيعها وشريح وابراهيم والشعبى، أما اذا ملكها حاملا فظاهر كلام أحمد أنها تصير أم ولد - وهو مذهب مالك رضى الله تعالى عنه - لأنها ولدت منه فى ملكه، فاشبه ما لو أحبلها فى ملكه.

وقد صرح أحمد فى رواية اسحاق بن منصور أنها لا تكون أم ولد حتى يحدث عنده حمل، وروى عنه ابنه صالح قال سألت ابى عن الرجل ينكح الأمة فتلد منه ثم يبتاعها قال لا تكون أم ولد له. قلت: فان اشتراها وهى حامل منه؟ قال اذا كان الوط‍ ء يزيد فى الولد، وكان يطؤها بعد ما اشتراها وهى حامل كانت أم ولد له، قال ابن حامد ان وطئها فى ابتداء حملها أو بواسطة صارت له بذلك أم ولد لأن الماء يزيد فى سمع الولد وبصره. وقال القاضى رحمه الله تعالى: ان ملكها حاملا فلم يطأها حتى وضعت لم تصر أم ولد وان وطئها حال حملها نظرنا فان كان بعد أن كمل الولد وصار له خمسة اشهر لم تصر بذلك أم ولد وان وطئها قبل ذلك صارت له بذلك أم ولد لأن عمر رضى الله تعالى عنه قال: أبعد ما اختلطت دماؤكم ودماؤهن ولحومكم ولحومهن بعتموهن؟ فعلل بالمخالطة، والمخالطة ههنا حاصلة لأن الماء يزيد فى الولد، ولأن لحرية البعض أثرا فى تحرير


(١) المرجع السابق ح‍ ١٢ ص ٤٩٢، ص ٤٩٣ نفس الطبعة.