ثبوت النسب ولما دخل المستأمن دار الاسلام بأمان فقد رضى بحكم الاسلام ومن حكم الاسلام أن لا يجوز بيع أم الولد وكذلك كل تصرف يوجب بطلان حق الحرية الثابتة لها بالاستيلاد لا يجوز، كالهبة والصدقة والوصية والرهن لأن هذه التصرفات توجب زوال ملك العين فيوجب بطلان هذا الحق، وما لا يوجب بطلان هذا الحق فهو جائز كالاجارة والاستخدام والاستسعاء والاستغلال والاستمتاع والوط ء لأنها تصرف فى المنفعة لا فى العين - والمنافع مملوكة له والاجرة والكسب والغلة والعقر والمهر للمولى لانها بدل المنفعة والمنافع على ملكه وكذا ملك العين قائم لأن العارض - وهو التدبير - لم يؤثر الا فى ثبوت حق الحرية من غير حرية فكان ملك اليمين قائما وانما الممنوع منه تصرف يبطل هذا الحق، وهذه التصرفات لا تبطله وكذا الارش له بدل جزء هو ملكه وله أن يزوجها لأن التزويج تمليك المنفعة ولا ينبغى أن يزوجها حتى يستبرئها بحيضة لاحتمال انها حملت منه فيكون النكاح فاسدا ويصير الزوج بالوط ء ساقيا ماءه زرع غيره فكان التزويج تعريضا للفساد فينبغى أن يتحرز من ذلك بالاستبراء لكن هذا الاستبراء ليس بواجب بل هو مستحب كاستبراء البائع ولو زوجها فولدت لاقل من ستة أشهر فهو من المولى والنكاح فاسد لأنه تبين انه زوجها وفى بطنها ولد ثابت النسب منه، وان ولدت لأكثر من ستة أشهر فهو ولد الزوج لأن الزوج له فراش والولد للفراش على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولا فراش للمولى لزوال فراشه بالنكاح فان ادعاه المولى وقال هذا ابنى لا يثبت نسبه منه لسبق ثبوته من غيره وهو الزوج فلا يتصور ثبوته فلا تصح دعوته لكنه يعتق عليه لأنه فى ملكه وقد أقر بحريته فيعتق عليه وان لم يثبت نسبه منه كما اذا قال لعبده: هذا ابنى وهو معروف النسب من الغير ونسب ولد أم الولد يثبت من المولى من غير دعوة عند عدم الحرية الا اذا حرمت عليه حرمة مؤبدة فجاءت بولد لستة أشهر من وقت الحرمة أو زوجها فجاءت بولد لستة أشهر من وقت التزويج فلا يثبت نسبه الا بالدعوة وانما قلنا انه يثبت نسب ولدها من المولى من غير دعوة عند عدم الحرمة المؤبدة والنكاح لأنها صارت فراشا بثبوت نسب ولدها.
والولد المولود على الفراش يثبت نسبه من غير دعوة قال النبى صلّى الله عليه وسلّم:
الولد للفراش بخلاف الأمة القنة أو المدبرة لأنه لا يثبت نسب ولدها وأن حصنها المولى وطلب ولدها بدون الدعوة عندنا فلا تصير فراشا بدون الدعوة.
ثم انما يثبت نسب ولد أم الولد بدون الدعوة دون ولد القنة والمدبرة لأن الظاهر أن ولد أم الولد من المولى لانه لا يتحرز عن الاعلاق اذ التحرز لخوف فوات ماليتها وقد حصل ذلك منه فالظاهر أن لا يعزل عنها بل يعلقها فكان الولد منه من حيث الظاهر فلا تقع الحاجة الى الدعوة بخلاف القنه والمدبرة، فان هناك الظاهر انه لا يعلقها بل يعزل عنها تحرزا عن اتلاف المالية، فلا يعلم انه منه الا بالدعوة فلا يثبت النسب الا بالدعوة فهو الفرق فان صارت أم الولد محرمة على المولى على التأبيد بأن وطئها ابن المولى أو أبوه أو وطئ المولى أمها أو بنتها فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر لم يثبت نسب الولد الذى أتت به بعد التحريم من غير دعوة