للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهى للوزراء الذين يستنابون في جميع الأمور من غير تخصيص.

النوع الثاني: ولاية عامة في أعمال خاصة وهى لأمراء الأقاليم والبلدان ذلك لأن النظر فيما خصوا به من الأعمال عام في جميع أمورها بينما لا تتجاوز إمارتهم قطرا أو بلدا معينا من البلدان.

النوع الثالث: ولاية خاصة في أعمال عامة وهى لقاضى القضاة وأمراء الجيوش وأمراء الثغور وأمراء الخراج وأمراء الصدقات ذلك لأن كل واحد منهم مقصور على نظر خاص في جميع الأعمال التي نيطت به.

النوع الرابع: ولاية خاصة في أعمال خاصة وهى لقاضى البلد أو الأقليم أو أمير خراجه أو صدقاته أو أمير جنده لأن كل واحد منهم قد خص بالنظر في عمل خاص محدد ولكل واحد من هؤلاء الولاة شروط تنعقد بها ولايته ويصح بها نظره وسنعرض لذلك فيما يلى على وجه الإِجمال (١).

الوزارة: هي الولاية الثانية في الدولة الإِسلامية أو هي الإِمارة التالية لإِمارة المؤمنين وهى إمارة عامة في موضوعها تكاد تتساوى مع إمارة المؤمنين من الوجهة العملية أو التنفيذية فإن الوزير ينيبه الإِمام في جميع الأمور العامة نيابة عامة تتناول جميع الأقسام والمناطق التي تتكون منها الدولة وبذلك تمتاز الوزارة عن سائر الإمارات الأخرى ومنصب الوزارة منصب قديم وهى نوع من الوكالة ووضع الفقهاء لها شروطها الخاصة وطريق إقامتها مسترشدين في ذلك بما جاء في الكتاب العزيز حكاية عن موسى عليه السلام إذ طلب من ربه فقال {واجعل لى وزيرا من أهلى هارون اخى أشدد به أزرى وأشركه في أمرى} ولما في شرع ذلك من المصلحة فإن الإِمام مكلف ومحمل بأعمال عديدة ينوء بحملها أي شخص يحملها فلا يستطيع منفردا أن يقوم بها على وجهها فكان من المصلحة معاونته فيها بالإِنتداب والمشاركة في الرأى والعمل حتى يكون على العمل وإحسانه أقوى وعلى تجنب الخطأ أقدر وفى المصلحة أبصر ولذا قال الماوردى في الأحكام السلطانية "ومشاركة الوزير للإمام في التدبير والعمل أصح في تنفيذ الأمور من إنفراده بها ليستظهر به على نفسه وليكون أبعد عن الزلل وأمنع من الخطأ" (٢). ولهذا خصت بهذا الاسم على أساس أنه مُشتق من الوزر وهو الثقل لأن الوزير يحمل من الأمير أثقاله أو من الوزَرَ وهو الملجأ ومنه قوله تعالى {كلا لا وزر} أي لا ملجأ لأن الأمير يلجأ إلى رأى وزيره ومعونته أو من الأزر وهو الظهر لأن الأمير يقوى بوزيره كما يقوى البدن بقوة الظهر ويقول ابن خلدون أن الاسم مأخوذ من الموازرة وهى المعاونة أو من الوزر - ولم توجد الوزارة بهذا الاسم في عهد النبوة ولا في عهد الخلفاء الراشدين وإن وجدت بمعناها فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشاور أصحابه في أمورهم العامة وكان أخصهم في ذلك أبو بكر وعمر رضى الله عنهما وهكذا كان شأن أبي بكر في إمارته مع عمر رضى الله عنه ومع عثمان وعلى وشان عمر مع على وعثمان رضى الله


(١) الأحكام السلطانية للماوردى ص ٢٤ وما بعدها.
(٢) الأحكام السلطانية في باب الوزارة.