للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول بأنها سنة لتأكدها إلا بعذر لخبر من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له أي كاملة إلا من عذر. رواه ابن ماجه. ورخصته ترك الجماعة يكون لعذر عام كمطر أو ثلج يبل الثوب ليلا كان أو نهارا لما رواه أبو داود والنسائى وابن ماجه عن ابن أبي المليح عن أبيه قال كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية فأصابنا مطر لم يبل أسفل نعالنا فنادى منادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلوا في رحالكم. ويشترط حصول مشقة بالخروج مع المطر ومن الأعذار الريح الشديد بالليل لما روى أن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح فقال ألا صلوا في الرحال، وكذا (١) الوحل الشديد الذي لا يؤمن معه التلويث على الصحيح ليلا كان الوحل أو نهارا لأنه أشق بخلاف الخفيف منه وتكون رخصة ترك الجماعة كمرض يشق المشى معه وإن لم يبلغ حدا يسقط القيام في الفريضة لأنه - صلى الله عليه وسلم - لما مرض ترك الصلاة بالناس أياما كثيرة. أما المرض الخفيف كوجع ضرس وصداع يسير وحمى خفيفة فليس بعذر. وكذلك من الأعذار الحر والبرد الشديدان لأن المشقة فيهما كالمشقة في المطر. والجوع والعطش الظاهران أيضا لعذر خاص المطعون حاضر أو قرب حضوره ونفسه تتوق إليه لخبر الصحيحين إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء ولا يعجلن حتى يفرغ منه. ومن الأعذار مدافعه الحدث من بول أو غائط أو ريح لخبر مسلم لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه بالإِخبثان، وكذلك الخوف من ظالم على معصوم من نفس أو عضو أو منفعة أو مال أو عرض أو حق له أو لمن يلزمه الذب عنه. أما خوفه ممن يطالبه بحق هو ظالم في منعه فليس بعذر بل عليه الحضور وتوفية الحق، ومن الأعذار (٢) الخاصة خوف ملازمة غريمه. ومحل هذا إذا عسر عليه إثبات إعساره وإلا لم يعذر، وكذا خوف عقوبة كتعزير لله تعالى أو لآدمى وقود وحد قذف مما يقبل العفو وكان يرجى تركها إن تغيب المعسر أياما يسكن فيها غيظ المستحق بخلاف الحد الذي لا يقبلا العفو كحد الزنا أو كان يقبلا العفو ولكن لا يرجى الترك لو تغيب. وكذا العرى وإن وجد ما يستر عورته لأن عليه مشقة في خروجه بغير لباس يليق به. أما من اعتاد الخروج مع ستر العورة فقط فلا يكون معذورا عنه فقد الزائد عليه وكذا التأهب لسفر مباح يريده مع رفقة ترحل ويخاف من التخلف للجماعة على نفسه أو ماله أو يستوحش فقط للمشقة في التخلف عنهم وكذا أكل ذى ريح كرية كبصل أو فجل أو ثوم أو كراث نئ لخبر الصحيحين من أكل بصلا أو ثوما أو كراثا فلا يقربن مسجدنا - وفى رواية المساجد - فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم وهذا إذا تعسر زوال ريحه بغسل ومعالجة بخلاف ما إذا لم يتعسر أما المطبوخ فلا يعذر به، والجذام والبرص يعذر بهما كما قال الزركشى، ومن الأعذار حضور احتضار قريب كزوجة ورفيق وصديق وصهر وإن كان له متعهد لما روى البخارى عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أنه ترك الجمعة وحضر عند قريبه سعيد بن زيد لما أخبر أن الموت قد نزل به وكذا حضور مريض بلا متعهد له لئلا يضيع سواء كان قريبا أم أجنبيا إذا خاف


(١) الموجع السابق للشربينى الخطيب جـ ١ ص ٢٣٤ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) مغنى المحتاج للشربينى الخطيب جـ ١ ص ٢٣٥ وما بعدها الطبعة السابقة.