للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعدم المشقة ويعذر بترك الجماعة من هو ممنوع من فعلها كالمجوس لقوله تبارك وتعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (١) وكذا من بدائع الأخبثين - البول والغائط - أو يدافع أحدهما؛ لأن ذلك يمنعه من إكمال الصلاة وخشوعها وكذا من كان يحضره طعام يحتاج إليه لخبر أنس رضى الله عنه في الصحيحين ولا تعجلن حتى تفرغ منه. وكذا خائف من ضياع ماله كغلة في بيادرها ودوام أنعام لا حافظ لها غيره أو خائف تلفه كخبز في تنور وطبيخ على نار أو خائف فواته كالضائع يدل عليه في مكان كمن ضاع له كيس أو أبق له عبد وهو يرجو وجوده أو قدم به من سفر إن لم يقف لأخذه ضاع ولكن قال المجد عبد السلام ابن تيميه الأفضل ترك ما يرجو وجوده ويصلى الجماعة لأن ما عند الله خير وأبقى وربما لا ينفعه حذره وكذا الخائف من ضرر في ماله أو في معيشه يحتاجها أو أحللق الماء على زرعه أو بستانه يخاف إن تركه فسد أو كان مستحفظا على شئ يخاف عليه الضياع إن ذهب وتركه وكذا إن كان عريانا ولم يجد سترة أو لم يجد إلا ما يستر عورته فقط في غير جماعة عراة لما يلحقه من الخجل فإن كانوا عراة كلهم صلوا جماعة وجوبا وكذا الخائف موت رفيقه أو قريبه ولا يحضره أو لتمريضهما إن لم يكن عند المريض من يقوم مقامه وكذا الخائف على حريمه أو نفسه من ضرر أو سلطان ظالم أو سبع أو لص أو ملازمة غريم ولا شئ معه يعطيه أو حبسه بحق لا وفاء له لأن حبس المعسر ظلم وكذا إن كان الدين مؤجلا وخشى أن يطالبه به قبل محله وظاهره أنه إذا قدر على أداء دينه فلا عذر للنص. ومن الأعذار خوف فوات رفقة مسافر سفرا مباحا سواء كان منشئا للسفر - أو مستديما له. لأن عليه في ذلك ضررا وكذا غلبة نعاس يخاف منه فوت الصلاة في الوقت أو يخاف معه فوت الصلاة مع الإِمام لأن رجلا صلى مع معاذ ثم انفرد فصلى وحده عند تطويل معاذ وخوف النعاس والمشقة فلم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أخبره. وفى المذهب الوجيز يعذر في الجمعة والجماعة بخوفه نقص الوضوء بانتظارهما، والصبر والتجلد على دفع النعاس - ويصلى معهم جماعة أفضل لما فيه من نبل فضل الجماعة. ومن الأعذار تطويل الإِمام ومن عليه قود إن رجا العفو عنه وظاهره ولو على مال حتى يصالحوا وحد القذف لأنه حق آدمى فإن ذلك يكون عذرا. ومن علليه حد لله تعالى كحد الزنا وشرب الخمر وقطع السرقة فلا يعذر به في ترك الجمعة ولا الجماعة لأن الحدود لا يدخلها المصالحة بخلاف القصاص. ومن الأعذار التأذى بالمطر أو الوحل أو الثلج أو الجليد أو الريح الباردة في ليلة مظلمة لقول ابن عمر كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينادى مناديه في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر صلوا في رحالكم. متفق عليه رواه إبن ماجه بإسناد صحيح ولم يقل في السفر وفى الصحيحين عن ابن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير وزاد مسلم في يوم جمعة إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حى على الصلاة قل صلوا في بيوتكم قال فكأن الناس استنكروا ذلك فقال ابن عباس أتعجبون من ذلك فقد في فعل هذا من هو خير منى يعنى النبي - صلى الله عليه وسلم - إن الجمعة غريمة وإنى كرهت أن أخرجكم في الطين والدحض والثلج والجليد والبرد كذلك وإذا


(١) الآية رقم ٢٨٦ من سورة البقرة.