للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جزاء الإحتباس فكل من كان محبوسا بحق لغيره كالقاضى والعامل فى الصدقات والمفتى والوالى، والمضارب، والمقاتلة إذا قاموا بدفع عدو المسلمين .. والنساء محبوسات لحق الزوج فتجب نفقتهن عليهم مسلمات كن أو لا، ولو غنيات.

وقال كل من صاحبى فتح القدير والعناية تعليقا على قول الميرغينانى فى الهداية:

«اذا سلمت نفسها فى منزله» ليس شرطا لازما فى ظاهر الرواية، بل من حين العقد على الصحيح وإن لم تنتقل إلى منزل الزوج اذا لم يطلب الزوج انتقالها، فإن طلبه فامتنعت لحق لها كمهرها لا تسقط‍ النفقة أيضا، وإن كان لغير حق فلا نفقة لها لنشوزها.

وقال بعض المتأخرين: لا نفقة لها حتى تزف إلى منزل الزوج، وهو رواية عن أبى يوسف، وليس الفتوى عليها.

ونقل الكمال عن بعض الفقهاء أن تسليمها نفسها شرط‍ بالإجماع، وفيه نظر.

ونقل صاحب العناية ما يؤيد أن الشرط‍ ليس بلازم على إطلاقه، فقال: أن النفقة حق المرأة، والانتقال حق الزوج فإذا لم يطالبها بالنقلة فقد ترك حقه، وهذا لا يوجب بطلان حقها.

ويقولون (١): إن المرأة إذا امتنعت عن تسليم نفسها قبل الدخول أو بعده حتى يعطيها المهر فلها النفقة لأنه منع بحق فكان فوت الإحتباس لمعنى من قبله فيجعل كأنه ليس بفائت، وإن نشزت فلا نفقة لها حتى تعود إلى منزله، لأن فوت الاحتباس منها وإذا عادت جاء الاحتباس فتجب النفقة، وإذا امتنعت من التمكين فى بيت الزوج فلها النفقة، لأن الإحتباس قائم والزوج يقدر على الوط‍ ء كرها، وإن كانت صغيرة لا يستمتع بها فلا نفقة لها لأن امتناع الاستمتاع لمعنى فيها.

والإحتباس الموجب للنفقة ما يكون وسيلة إلى مقصود مستحق بالنكاح، ولم يوجد، لأن الصغيرة التى لا تصلح للجماع لا تصلح لدواعيه، لأنها غير مشتهاة، وإذا كان الزوج صغيرا لا يقدر على الوط‍ ء وهى كبيرة فلها النفقة من ماله لأن التسليم قد تحقق منها، وإنما العجز من قبله فصار كالمجبوب والعنين، وإذا حبست المرأة فى دين (٢). فلا نفقة لها لأن فوت الاحتباس منها بالمماطلة، وإن كانا عاجزين بأن كانا صغيرين ففيه بحث.

قال الكمال: والتحقيق أن النفقة لا تجب الا بتسليمها لاستيفاء منافعها المقصودة بذلك التسليم، فيدور وجوبها معه وجودا وعدما فلا تجب فى الصغيرين، وتجب فى الكبيرة تحت الصغير.

قالوا: وإذا غصبها رجل كرها فذهب بها فلا نفقة لها، وعن أبى يوسف أن لها النفقة.

قال الميرغينانى: والفتوى على الأول لأن فوت الاحتباس ليس منه حتى يجعل باقيا تقديرا.

وإذا حجت مع محرم فلا نفقة لها لأن فوت الاحتباس منها، وعن أبى يوسف


(١) المرجع السابق ج‍ ٣ ص ٣٢٤.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٣ ص ٣٢٦.