للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آن لها النفقة لأن إقامة الفرض عذر، ولكن تجب عليه نفقة الحضر دون السفر لأنها هى المستحقة عليه، ولو سافر معها الزوج تجب النفقة بالاتفاق لأن الاحتباس قائم لقيامه عليها وتجب نفقة الحضر دون السفر.

واذا مرضت فى منزل الزوج قال الميرغينانى:

لها النفقة، والقياس إن لا نفقة لها إذا كان مرضا يمنع من الجماع لفوت الاحتباس للاستمتاع. وجه الاستحسان إن الاحتباس قائم فإنه يستأنس بها ويمسها وتحفظ‍ البيت، والمانع بعارض فأشبه الحيض.

وعن أبى يوسف إنها إذا سلمت نفسها ثم مرضت تجب النفقة لتحقق التسليم ولو مرضت ثم سلمت نفسها لا تجب لها النفقة لأن التسليم لم يصح.

وقال الكاسانى فى الاستدلال بالمعقول (١):

أن المرأة محبوسة بحبس النكاح حقا للزوج ممنوعة عن الاكتساب بحقه، فكان نفع حبسها عائدا إليه فكانت كفايتها عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: «الخراج بالضمان» ولأنها إذا كانت محبوسة بحبسه ممنوعة من الخروج للكسب بحقه فلو لم تكن كفايتها عليه لهلكت، ولهذا جعل للقاضى رزق فى بيت مال المسلمين لحقهم لأنه محبوس لجهتهم ممنوع عن الكسب، فجعلت نفقته فى مالهم وهو بيت المال.

كذا هنا، وقال: إن سبب وجوب النفقة للزوجة عند أصحابنا استحقاق الحق الثابت بالنكاح للزوج عليها، والدليل على ذلك أن حق الحبس الثابت للزوج عليها بسبب النكاح مؤثر فى استحقاق النفقة لها عليه لما بينا.

ثم قال: إن النفقة تجب للزوجة فى العدة من نكاح صحيح بهذا السبب، وهو استحقاق الحبس للزوج عليها بسبب النكاح لأن النكاح قائم من وجه فتستحق النفقة كما كانت تستحقها قبل الفرقة بل أولى، لأن حق الحبس بعد الفرقة تأكد بحق الشرع وتأكد السبب يوجب تأكد الحكم، سواء كانت العدة عن فرقة بطلاق أو عن فرقة بغير طلاق من قبل الزوج أو من قبلها، إلا إذا كانت من قبلها بسبب محظور استحسانا. وأطال فى تفصيل ذلك.

وقال صاحب الدر أيضا (٢): لو سلمت نفسها بالليل دون النهار أو عكس ذلك، فلا نفقة لها لنقص التسليم.

ونقل عن المجتبى أن ذلك يدلنا على جواب واقعة فى زماننا، أنه لو تزوج من المحترفة التى تكون بالنهار فى مصالحها وبالليل عنده فلا نفقة لها. وقال فى النهر فيه نظر.

وبين ابن عابدين وجه النظر بأنها معذورة لاشتغالها بمصالحها بخلاف المقيس عليه


(١) بدائع الصنائع ج‍ ٤ ص ١٦ طبع الجمالية بالقاهرة سنة ١٣٢٨ هـ‍.
(٢) الدر مع حاشية ابن عابدين ج‍ ٢ ص ٧٠٢ طبعة المطبعة الميمنية سنة ١٣٠٧ هـ‍.