بالإمامة من الفاسق وإن اختص الفاسق بصفات مرجحة ككونه أفقه أو أقرأ لأنه لا يوثق به بل تكره الصلاة خلفه وإنما صحت لما رواه الشيخان أن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما كان يصلى خلف الحجاج. قال الإمام الشافعي رضى الله عنه: وكفى به فاسقا، والمبتدع الذي لا يكفر ببدعته كالفاسق بل أولى لأن اعتقاد المبتدع لا يفارقه بخلاف الفاسق والأفقه في باب الصلاة الأقرأ أي الأكثر قرآنا أولى من غيره بزيادة الفقه والقراءة والأصح أن الأفقه في باب الصلاة وإن لم يحفظ قرآنا غير الفاتحة أولى من الأقرأ وإن حفظ جميع القرآن لأن الحاجة إلى الفقه أهم لكون الواجب من القرآن في الصلاة محصورا والحوادث فيها لا تنحصر ولتقديم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر في الصلاة على غيره مع وجود من هو أحفظ منه للقرآن لأنه لم يجمع القرآن في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير أربعة من الأنصار أبى بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد رضى الله تعالى عنهم كما رواه البخارى. ومقابل الأصح هما سواء لتقابل الفضيلتين وقيل: أن الأقرأ أولى. والأصح أن الأفقه أولى من الأورع أي الأكثر ورعا والورع فسره في التحقيق والمجموع بأنه اجتناب الشبهات خوفا من الله تعالى وفى أصل الروضة بأنه زيادة على العدالة من حسن السيرة والعفة ويدل للأول ما رواه الطبراني في معجمه الكبير عن وائلة بن الأسقع أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الورع قال الذي يقف عند الشبهات ومقابل الأصح يقدم الأورع على الأفقه إذ مقصود الصلاة الخشوع ورجاء إجابة الدعاء والأورع أقرب قال الله تبارك وتعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(١). وفى الحديث "ملاك الدين الورع". وأما ما يخاف من حدوثه في الصلاة فأمر نادر فلا يفوت المحقق للمتوهم وأما الزهد فهو تارك ما زاد على الحاجة هو أعلى من الورع إذ هو في الحلال والورع في الشبهة. قال في المهمات ولم يذكروه في المرجحات واعتباره ظاهر حتى إذا اشتركا في الورع وامتاز أحدهما بالزهد قدمناه. وإذا اجتمع الأقرأ والأورع فيقدم الأقرأ كما قاله في الروضة عن الجمهور ويقدم الأفقه والأقرأ على الأسن النسيب فعلى أحدهما من باب أولى لأن الفقه والقراءة مختصان بالصلاة لأن القراءة من شروطها والفقه لمعرفة أحكامها وباقى الصفات لا يختص بالصلاة ويقدم الأورع عليهما أيضًا لأنه أكرم عند الله، ولو كان الأفقه أو الأقرأ أو الأورع صبيا أو مسافرا قاصرا أو فاسقا أو ولد زنا أو مجهول الأب فعنده أولى، نعم إن كان المسافر السلطان أو نائبه فهو أحق وأطلق جماعة أن إمامة ولد الزنا ومن لا يعرف أبوه مكروهة وصورته أن يكون ذلك في ابتداء الصلاة ولم يساوه المأموم فإن ساواه أو وجده قد أحرم واقتدى به فلا بأس وفى الجديد تقديم الأسن على النسيب لخبر الصحيحين عن مالك بن الحويرث رضى الله تعالى عنه "وليؤمكم أكبركم" ولأن فضيلة الأسن في ذاته والنسيب في آبائه وفضيلة الذات أولى والعبرة بالأسن في الإسلام لا بكبر السن فيقدم شاب أسلم أمس على شيخ أسلم اليوم فإن أسلما معا فالشيخ مقدم لعموم خبر مالك قال البغوي ويقدم من أسلم بنفسه على