للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحوله وأقامه عن يمينه وإذا وقف عن يمينه لا يتأخر عن الإمام في ظاهر الرواية وعن محمد أنه ينبغى أن تكون أصابعه عند عقب الإِمام وهو الذي وقع عند العوام ولو كان المقتدى أطول من الإمام وكان سجوده قدام الإمام لم يضره لأن العبرة لموضع الوقوف لا لموضع السجود كما لو وقف في الصف ووقع سجوده أمام الإمام لطوله ولو وقف عن يساره جاز لأن الجواز متعلق بالأركان وهى موجودة ولكنه يكره لأنه ترك المقام المختار له، ولو وقف خلفه جاز واختلف في كراهيته … وإذا كان مع الإمام امرأة أقامها خلفه لأن محاذاتها مفسدة وكذلك لو كان معه خنثى مشكل لاحتمال أنه امرأة، ولو كان معه رجل وامرأة أو رجل وخنثى أقام الرجل عن يمينه والمرأة أو الخنثى خلفه ولو كان معه رجلان وامرأة أو خنثى أقام الرجلين خلفه والمرأة أو الخنثى خلفهما. وجماعة النساء وحدهن مكروهة فإن فعلن فالصلاة صحيحة مع الكراهة ويقف الإِمام وسطهن كالعراة لأن عائشة رضى الله تعالى عنها فعلت ذلك حين كانت جماعتهن مستحبة ثم نسخ الاستحباب ولأنها ممنوعة من البروز ولا سيما في الصلاة ولهذا كانت صلاتها في بيتها أفضل. ولو تأخرت لم يصح الاقتداء بها عندنا لعدم شرط الإمام وهو عدم التأخر عن المأموم، أما مقام (١) الإِمام بالنسبة لصلاة الجنازة فإنه يقدم من الرجل والمرأة بحذاء الصدر لأنه موضع القلب وفيه نور الإيمان فيكون القيام عنده إشارة إلى الشفاعة لإِيمانه وهذا ظاهر الرواية وهو بيان الاستحباب حتى لو وقف في غيره أجزأه كذا في كافى الحاكم.

وفى الهداية (٢) وشروحها عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى أن الإِمام يقوم من الرجل بحذاء رأسه ومن المرأة بحذاء وسطها لما روى نافع أبى غالب قال: كنت في سكة المربد فمرت جنازة معها ناس كثير قالوا جنازة عبد الله بن عمير فتبعتها فإذا أنا برجل برجل عليه كساءٌ رقيق على رأسه تقيه من الشمس فقلت من هذا الدهقان قالوا أنس بن مالك قال فلما وضعت الجنازة قام أنس رضى الله تعالى عنه فصلى عليها وأنا خلفه لا يحول بينى وبينه شئ فقام عند رأسه وكبر أربع تكبيرات لم يطل ولم يسرع ثم ذهب يقعد فقالوا يا أبا حمزة المرأة الأنصارية فقربوها وعليها نعش أخضر فقام عند عجزتها فصلى عليها نحو صلاته على الرجل ثم جلس فقال العلاء بن زياد يا أبا حمزة هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى على الجنائز كصلاتك يكبر عليها أربعا ويقوم عند رأس الرجل وعجيزة المرأة؟ قال: نعم إلى أن قال أبو غالب فسألت عن صنيع أنس في قيامه على المرأة عند عجيزتها فحدثونى أنه إنما كان لأنه لم تكن النعوش فكان يقوم حيال عجيزتها يسترها من القوم. رواه الترمذى ونافع أبو غالب الباهلى الخياط البصرى.


(١) انظر كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم المصرى الأفريقى جـ ٢ وما بعدهما طبع مطابع المطبعة العلمية بمصر سنة ١٣١٠ هـ الطبعة الأولى.
(٢) انظر كتاب الهداية وشروحها فتح القدير للشيخ الإمام كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواس السكندرى المعروف بابن الهمام الحنفى وبهامشه شرح العناية على الهداية للإمام أكمل الدين محمد بن محمود البابرتى وحاشية المولى المحقق سعد الله بن عيسى المفتى الشهير بسعدى جلبى وبسعدى افندى على شرح العناية المذكور وعلى الهداية شرح بداية المبتدى لشيخ الإسلام برهان الدين على بن أبى بكر المرغينانى جـ ١ ص ٤٦٢ وما بعدها طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر المحمية سنة ١٣٤٠ هـ الطبعة الثانية.