للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حائلا في العرف كما لو كانا في سفينتين مكشوفتين في البحر ومقابل الصحيح أن ذلك يقر أما الشارع فقد تكثر فيه الزحمة فيعسر الاطلاع على أحوال الإمام. وأما النهر فقياسا على حيلولة الجدار. ولا يضر جزما الشارع غير المطروق والنهر الذي يمكن العبور من أحد طرفيه إلى الآخر من غير سباحة وذلك بالوثوب فوقه أو المشى فيه أو على جسر ممدود على حافتيه، فإن كان الإمام والمأموم في بناءين كصحن وصفة أو بيت من كان واحد كالمدرسة المشتملة على هذه الأمور مع محاذاة الأسفل للأعلى بجزء منهما فطريقان أصحهما إن كان بناء المأموم يمينا أو شمالا لبناء الإمام وجب اتصال صف من أحد البناءين بالآخر كأن يقف واحد بطرف الصفة وآخر بالصحن متصلا به لأن اختلاف الأبنية يوجب الافتراق. فاشترط الاتصال ليحصل الربط بالاجتماع ولا تضر فرجة لا تسع واقفا في الأصح وإن كان بناء المأموم خلف بناء الإِمام فالصحيح صحة القدوة بشرط أن لا يكون بين الصفين أكثر من ثلاثة أذرع والطريق الثاني أنه لا يشترط إلا القرب لئلا يزيد ما بين الإِمام والمأموم على ثلثمائة ذراع سواء كان موقف المأموم يمينا أم شمالا أم خلف بناء الإِمام فإن حال ما يمنع المرور لا الرؤية كالشباك أو يمنع الرؤية لا المرور كالباب المردود فوجهان أصحهما في أصل الروضة عدم صحة القدوة. أما لو حال جدار أو باب مغلق لم تصح القدوة باتفاق الطريقين لأن الجدار معد للفصل بين الأماكن. ولو وقف (١) المأموم في علو في غير مسجد كصفة مرتفعة وسط دار وإمامه في سفل كصحن تلك الدار أو بالعكس اشترط مع وجوب اتصال صف من أحدهما بالآخر محاذاة بعض بدن المأموم ببعض بدن الإمام. والمراد بالعلو البناء أما الجبل الذي يمكن صعوده فداخل في الفضاء فالصلاة على الصفا أم المروة أو على جبل أبى قبيس بصلاة الإمام في المسجد صحيحة وإن كان أعلى منه كما نص عليه الشافعي رضى الله تعالى عنه وله نص آخر فيه بالمنع وحمل على ما إذا بعدت المسافة أو حالت أبنية هناك ولو كان الإِمام والمأموم في سفينتين مكشوفتين في البحر فيصح الاقتداء بشرط أنه لا يزيد على ثلثمائة ذراع تقريبا وإن لم تشد أحداهما بالأخرى فإن كانتا مسقفتين أو أحداهما مسقفة فقط فيشترط مع قرب المسافة وعدم الحائل وجود الواقف بالمنفذ إن كان بينهما منفذ والسفينة التي فيها بيوت كالدار التي فيها بيوت. ولو وقف المأموم في نحو موات كشارع وإمامه في مسجد متصل بالموات فإن لم يحل شئ بين الإمام والمأموم فالشرط التقارب وهو ثلثمائة ذراع ويعتبر ذلك من آخر المسجد لأن المسجد كل شئ واحد لأنه محل للصلاة فلا يدخل في الحد الفاصل وقيل من آخر صف فيه لأنه المتبوع فإن لم يكن فيه إلا الإِمام فمن موقفه. قال الدارمى: ومحل الخلاف إذا لم تخرج الصفوف عن المسجد فإن خرجت عنه فالمعتبر من آخر صف خارج المسجد قطعا، وارتفاع (٢) المأموم عن الإمام وعكسه مكروه أما ارتفاع الإِمام عن المأموم فللنهى عنه. كما أخرجه أبو داود في سننه والحاكم في المستدرك. وأما ارتفاع المأموم عن الإمام فقياسا على ارتفاع الإمام وهذا إذا أمكن وقوفهما على مستو وإلا فلا كراهة ولا فرق في ذلك بين أن يكونا في مسجد أو لا إلا لحاجة تتعلق بالصلاة كتعليم الإمام المأمومين صفة الصلاة،


(١) المرجع السابق جـ ١ ص ٢٤٩ الطبعة السابقة.
(٢) مغني المحتاج لمعرفة ألفاظ المنهاج جـ ١ ص ٢٥٠ الطبعة السابقة.