للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسمعنا الآيه والآيتين أحيانا في الظهر والعصر وهذا جهر فيما يخافت فإذا ثبت فيه ثبت في المخافتة فيما يجهر لأنهما يستويان لما ورد الحديث مقدرا بآية أو آيتين ولم يرد أزيد من ذلك كانت الزيادة تركا للواجب فيوجب السهو. وروى الحسن عن أبى حنيفة رحمهما الله تعالى أنه إن تمكن التغيير في آية واحدة فعليه السجود وذلك بناء على أن فرض القراءة عند أبى حنيفة يتأذى بآية واحدة وإن كانت قصيرة فإذا غير صفة القراءة في هذا القدر تعلق به السهو وعندهما لا يتأدى فرض القراءة إلا بآية طويلة أو ثلاث آيات قصار فما لم يتمكن التغيير في هذا المقدار لا يجب السهو وروى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى أنه إذا جهر بحرف يسجد وذكر ابن عابدين (١): أن جهر الإمام يكون برفع الصوت بحسب الجماعة التي تصلى فإن زاد على ذلك أساء، وفى الزاهدى عن أبى جعفر الطحاوى: لو زاد على الحاجة فهو أفضل إلا إذا أجهد نفسه أو آذى غيره، ولو ائتم به أحد بعد قراءة الفاتحة أو بعد قراءة بعضها سرا أعادها جهرا لأن الجهر فيما بقى صار واجبا بالاقتداء والجمع بين الجهر والمخافتة في ركعة واحدة شفيع ومفاده أنه لو ائتم به بعد قراءة بعض السورة أنه يعيد الفاتحة والسورة ولكن في آخر شرح المنية أنه إن ائتم به بعد الفاتحة يجهر بالسورة إن قصد الإمامة وإلا فلا يلزمه الجهر وهو قول آخر. وقد حكى القولين القهستانى حيث قال إن الإِمام لو خافت ببعض الفاتحة أو كلها أو المنفرد ثم اقتدى به رجل أعادها جهرا كما في الخلاصة وقيل لم يعد وجهر فيما بقى من بعض الفاتحة أو السورة كلها أو بعضها كما في المنية. وكذلك (٢) يسر الإِمام في صلاته الثناء والتعوذ والتسمية لقول ابن مسعود رضى الله تعالى عنه أربع يخفيهن الإِمام وهى التعوذ والتسمية وآمين والرابع التحميد والأربعة رواها ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعى وروى عن أبى وائل عن عبد الله أنه كان يخفى بسم الله الرحمن الرحيم والاستعاذة وربنا لك الحمد، وجاء في بدائع الصنائع (٣): أنه إذا فرغ الإمام من الصلاة فلا يخلو الحال من أن تكون تلك الصلاة صلاة لا تصلى بعدها سنة أو تكون صلاة تصلى بعدها سنة، فإن كانت صلاة لا تصلى بعدها سنة كالفجر والعصر فإن شاء الإمام قام وإن شاء قعد في مكانه يشتغل بالدعاء لأنه لا تطوع بعد هاتين الصلاتين فلا بأس بالقعود إلا أنه يكره المكث على هيئته مستقبل القبلة لما روى عن عائشة رضى الله تعالى عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرغ من الصلاة لا يمكث في مكانه إلا مقدار أن يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، وروى أن جلوس الإِمام في مصلاه بعد الفراغ من الصلاة مستقبل القبلة بدعة ولأن مكثه يوهم الداخل أنه في الصلاة فيقتدى به فيفسد اقتداؤه فكان المكث تعريضا لفساد اقتداء غيره به فلا يمكث ولكنه يستقبل القوم بوجهه إن شاء إن لم يكن بحذائه أحد يصلى


(١) انظر رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار وحاشية ابن عابدين عليه جـ ١ ص ٤٩٧ وما بعدها طبع مطابع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر المحمية سنة ١٣٢٤ هـ الطبعة الأولى.
(٢) انظر كتاب فتح القدير على الهداية وشروحها وبهامشها شرح العناية على الهداية للإمام كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيداسى السكندرى المعروف بابن الهمام جـ ١ ص ٢٠٤ وما بعدها طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر المحمية سنة ١٣١٥ هـ الطبعة الأولى. وانظر كتاب حاشية ابن عابدين للشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين جـ ١ ص ٤٤٤ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) انظر كتاب بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى جـ ١ ص ١٥٩ وما بعدها الطبعة السابقة.