للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ظهر أن لا حمل بها، وكانت لها قصة طويلة أشار إليها ..

وكانت طائفة قديمة قد بادت كان رئيسهم المختار بن أبى عبيد وكيسان أبا عمرة وغيرهما يذهبون إلى أن الإمام بعد الحسين بن علي بن أبي طالب أخوه محمد المعروف بابن الحنفية .. ومن هذه الطائفة كان السيد الحميدى .. وكثير عزة الشاعران ..

وكانا يقولان إن محمد بن الحنفية حيّ بجبل رضوى .. ولهم من التخليط ما تضيق عنه الصحف ..

وعمدة هذه الطوائف كلها في الاحتجاج أحاديث موضوعة مكذوبة لا يعجز عن توليد مثلها من لا دين له ولا حياء .. ولا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا فهم لا يصدقوننا .. ولا معنى لاحتجاجهم علينا .. برواياتهم، فنحن لا نصدقها وإنما يجب أن يحتج الخصوم بعضهم على بعض بما يصدقه الذي تقوم الحجة به سواء صدقه المحتج أو لم يصدقه لأن من صدقه بشئ لزمه القول به أو بما يوجبه العلم الضرورى فيصير الخصم يومئذ مكابرا منقطعا إن ثبت على ما كان عليه.

إلا أن بعض ما يشنبون به أحاديث صحاح نوافقهم على صحتها منها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلى رضى الله عنه: "أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبى بعدى". وهذا لا يوجب له فضلا على من سواه ولا استحقاق الإمامة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن هارون لم يل أمر بنى إسرائيل بعد موسى عليهما السلام وإنما الذي ولى الأمر بعد موسى عليه السلام يوشع بن نون فتى موسى وصاحبه الذي سافر معه في طلب الخضر عليهما السلام كما ولى الأمر بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاحبه في الغار الذي سافر معه إلى المدينة، وإذ لم يكن عليّ نبيا كما كان هارون نبيا ولا كان هارون خليفة بعد موت موسى على بنى إسرائيل .. فقد صح أن كونه رضى الله عنه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة هارون من موسى إنما هو في القرابة فقط .. وأيضا فإنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا القول إذ استخلفه على المدينة في غزوة تبوك فقال المنافقون: استقله فخلفه فلحق علي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشكى ذلك إليه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينئذ: أنت منى بمنزلة هارون من موسى، يريد عليه الصلاة والسلام أنه استخلفه على المدينة مختارًا استخلافه كما استخلف موسى عليه السلام هارون عليه السلام أيضا مختارا لاستخلافه ثم قد استخلف عليه الصلاة والسلام قبل تبوك وبعد تبوك على المدينة في أسفاره رجالا سوى على رضى الله عنه فصح أن هذا الاستخلاف لا يوجب لعلى فضلا على غيره ولا ولاية الأمر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما لم يوجب ذلك لغيره من المستخلفين.

وعمدة ما احتجت به الإِمامية أن قالوا: لابد من أن يكون إمام معصوم عنده جميع علم الشريعة ترجع الناس إليه في أحكام الدين ليكونوا مما تعبدوا به على يقين وهذا لا شك فيه .. وذلك معروف ببراهينه الواضحة وأعلامه المعجزة .. وآياته الباهرة .. وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلينا لبيان دينه الذي لزمنا إياه - صلى الله عليه وسلم - فكان كلامه وعهوده وما بلغ من كلام الله حجة نافذة معصومه من كل آفة إلى من بحضرته وإلى من كان في حياته غائبا عن حضرته وإلى كل من يأتى بعد موته صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم القيامة من جن وإنس ..

قال الله عز وجل: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} فهذا نص ما قلنا وإبطال اتباع أحد دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ..