للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن أبي طالب إلى ابنه الحسن بالوصية ثم إلى أخيه الحسين ثم إلى ابنه على زين العابدين ثم إلى ابنه محمد الباقر ثم إلى ابنه جعفر الصادق ..

ومن هنا افترقوا فرقتين: فرقة ساقوها من بعده إلى ابنه إسماعيل وهم الاسماعيلية ..

وفرقة ساقوها إلى ابنه موسى الكاظم وهم الاثنا عشرية لوقوفهم عند الثاني عشر وقولهم بغيبته وانتظار عودته وهو المهدى المنتظر ..

وأما الاسماعيلية فقالوا: إن جعفر الصادق نص على ابنه إسماعيل من بعده وإن كان قد مات في حياته ويقتضى النص بقاءها في عنبة .. قالت بعد إسماعيل إلى ابنه محمد المكتوم وهو أول الأئمة المستورين لأن الإِمام قد لا تكون له شوكة فيستتر .. ويكون دعاته ظاهرين إقامة للحجة على الخلق .. وإن كانت له شوكة ظهر وأظهر دعوته ..

ويسمى هؤلاء بالباطنية أيضا نسبة إلى قولهم بالإِمام الباطن أي المستور .. ويسمون بالملحدة لما في مقالاتهم من إلحاد ولهم مقالات قديمة ومقالات جديدة دعا إليها محمد بن الحسن الصباح في آخر المائة الخامسة وملك حصونا بالشام والعراق ولم تزل دعوته هناك إلى أن توزعها الهلاك بين ملوك الترك بمصر وملوك التتر بالعراق فانقرضت.

وأما الاثنا عشرية فربما خصوا باسم الإمامية عند المتأخرين منهم فقالوا بإمامة موسى الكاظم بن جعفر الصادق لوفاة أخيه الأكبر إسماعيل في حياة أبيهما جعفر فقضى على إمامة موسى ثم من بعده إلى ابنه على الرضا الذي عهد إليه المأمون العباسى بن هارون الرشيد الذي اتهم بالتشيع ولكنه مات قبله فلم يتم له أمر .. ثم من بعده إلى ابنه محمد التقى ثم ابنه على الهادى ثم ابنه محمد العسكرى ثم ابنه محمد المهدى المنتظر .. وفى كل واحدة من هذه المقالات للشيعة اختلاف كثير إلا أن هذه أشهر مذاهبهم ومن أراد استيعابها فعليه بكتاب الملل والنحل لابن حزم ثم للشهرستانى وغيرهما ففيها بيان ذلك .. والله يضل من يشاء ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم وهو العلى الكبير …

وأما العلامة الكبير السعد التفتازانى فإنه لم يعن ببيان طوائف الشيعة ومذاهبهم واختلافاتهم التي لا حد لها في سوق الإِمامة في أولاد على رضى الله عنه بعده وتسلسلها في الأشخاص والقول بالتوقف والغيبة والرحبة وغير ذلك من الخبط والخلط على نحو ما رأينا فيما سقناه عن الشهرستانى في ابن حزم وابن خلدون وإنما عنى بمناقشة هؤلاء الشيعة في آرائهم في ثلاث نقط: الأولى: في إدعائهم أن نصيب الإمام واجب على الله تعالى …

والثانية: في شروطهم في الإِمام ..

والثالثة: في إدعائهم النص على على ..

وسنبدأ بالكلام في النقطة الأولى ..

قال رحمه الله تعالى: في شرح المقاصد (١):

واحتج القائلون بوجوب نصب الإمام على الله تعالى بأنه لطف من الله في حق العباد أما عند الملاحدة فليتمكنوا به من المعرفة الواجبة إذ نظر العقل غير كاف في معرفة الله .. وأما عند الإِمامية فلأن الرئيس القاهر يمنع من المحظورات ويحث على الواجبات فيكونوا معه أقرب إلى الطاعات وأبعد عن المعاصى. واللطف واجب على الله تعالى لما سبق ..


(١) ابن حزم الظاهرى جـ ٤ ص ٧٢، ٧٦ وما بعدها.