للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغرض التنصيص على موالاته ونصرته ليكون أبعد عن التخصيص الذي تحتمله أكثر العمومات وليكون أقوى دلاله وأوفى بإفادة زيادة الشرف حيث قرن بموالاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا القدر من المحبة والنصرة لا يقتضى ثبوت الإِمامة .. وبعد تسليم الدلالة على الإِمامة فلا عبرة بخبر الواحد في مقابلة الإجماع .. ولو سلم فغايته الدلالة على استحقاق الإمامة وثبوتها في المآل لكن من أين يلزم نفى إمامة الأئمة قبله .. وهذا قول بالموجب .. وهو جواب ظاهر لم يذكره القوم ..

وإذا تأولت فيما يدعون من توتر الخبر وجدت أنه حجة عليهم لا لهم لأنه لو كان سوقا لثبوت الإِمامة دالًا عليه لما خفى على عظماء الصحابة فلم يتركوا الاستدلال به ولم يتوقفوا في أمر الإمامة والقول بأن القوم تركوا الانقياد عنادًا وأن عليًا رضى الله عنه ترك الاحتجاج تقية (آية الغواية وغاية الوقاحة).

وأما حديث المعتزلة فهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلى رضى الله عنه: أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبى بعدى وتقريره أن المنزلة اسم جنس أضيف فعم كما إذا عرف باللام بدليل صحة الاستثناء .. وإذا استثنى منها مرتبة النبوة بقيت عامة في بقية المنازل الله من جملتها كونه خليفة له ومتوليا في تدبير الأمر ومتصرف في مصالح العامة ورئيسا مفترض الطاعة لو عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ لا يليق بمرتبة النبوة زوال هذه المرتبة الرفيعة الثابتة في حياة موسى عليه السلام بوفاته.

وإذ قد صرح بنفى النبوة لم يكن ذلك إلا بطريق الإِمامة .. والجواب: منع التواتر - بل هو خبر واحد في مقابلة الإِجماع .. ومنع عموم المنازل بل غاية الاسم المفرد المضاف إلى العلم .. الإطلاق .. وربما يدعى كونه معهودا معينا كغلام زيد .. وليس الإِستثناء المذكور إخراجًا لبعض أفراد المنزلة بمنزلة ذلك إلا النبوة ..

بل منقطع بمعنى لكن على ما لا يخفى على أهل العربية فلا يدل على العموم .. كيف ومن المنازل الإِخوة في النسب ولم تثبت لعلى .. اللهم إلا أن يقال أنها بمنزلة المستثنى لظهور انتفائها ..

ولو سلم العموم فليس من منازل هارون الخلافة والتصرف بطريق النيابة على ما هو مقتضى الإِمامة لأنه شريك لموسى في النبوة. وقوله: أخلفنى في قومى - ليس استخلافا بل مبالغة وتأكيدًا في القيام بأمر القوم .. ولو سلم فلا دلالة على بقائها بعد الموت - وليس انتفاؤها نموت المستخلف عزلا ولا نقصا - بل ربما يكون عودًا إلى حالة أكمل هي الاستقلال بالنبوة والتبليغ عن الله تعالى ولو سلم فتصرف هارون عليه السلام ونفاذ أمره لو بقى بعد موسى إنما يكون لنبوته .. وقد انتفت النبوة في حق على رضى الله عنه فينتفى ما يبنى عليها ويتسبب عنها ..

وأما الجواب بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خرج إلى غزوة تبوك استخلف علما على المدينة فأكثر أهل النفاق في ذلك. فقال على: يا رسول الله: أتتركنى مع الاختلاف؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبى بعدى ..

وهذا لا يدل على خلافته بعده كابن أم مكتوم رضى الله عنه استخلفه على المدينة في كثير من غزواته .. أما الجواب بذلك فربما يدفع بأن العبرة بعموم اللفظ لا لخصوص السبب. بل ربما يحتج بأن استخلافه على المدينة وعدم