وعمر أنهما أخذا حق سلالة النبوة ظلما لينتفع به الآخرون لا هما أنفسهما ولا من يتصل بهما ..
"وبمثل على رضى الله عنه أنه مع علمه بحقيقه الحال لم يدفع تلك الظلامة أيام خلافته وبسائر الصحابة أنهم سكتوا على ذلك من غير تعرض ولا اعتراض ..
والمذكور في كتب التواريخ أن فدك كانت على ما قرره أبو بكر رضى الله عنه إلى زمن معاوية ثم أقطعها مروان بن الحكم من ابنيه عبد العزيز وعبد الملك ثم لما ولى الوليد بن عبد الملك وهب عمر بن عبد العزيز نصيبه للوليد وكذلك سليمان بن عبد الملك فصارت كلها للوليد ثم ردها عمر بن عبد العزيز أيام خلافته إلى ما كانت عليه ..
ثم لما كانت سنة عشرين ومائتين كتب المأمون إلى عامله على المدينة قثم بن جعضم أن يرد فدك إلى أولاد فاطمة رضى الله عنها فدفعها إلى محمد بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب ومحمد بن عبد الله بن زيد بن الحسين ليقوما بها لأهلهما - وعد ذلك من تشيع المأمون - فلما استخلف المتوكل ردها إلى ما كانت عليه ..
ومنها أنه خالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى الاستخلاف حيث جعل عمر خليفة له والرسول - صلى الله عليه وسلم - مع أنه أعرف بالمصالح والمفاسد وأوفر شفقة على الأمة لم يستخلص أحدًا؟ بل عزل عمر بعد أن ولاه أمر الصدقات فاستخلافه وتوليته جميع أمور المسلمين مخالفة للرسول وترك ما وجب من اتباعه ..
والجواب: أنا لا نسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يستخلف أحدًا بل استخلف إجماعًا أما عندنا فأبا بكر وأما عندكم فعليا ولا نسلم أنه عزل عمر بل انقضت توليته بانقضاء عمله كما إذا وليت أحدًا عملا فأتمه فلم يبق عاملا فإنه ليس من القول في شئ ولا نسلم أن مجرد فعل ما لم يفعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - مخالفة له وترك لاتباعه .. وإنما يكون ذلك إذا فعل ما نهى عنه أو ترك ما أمر به، ولا نسلم أن هذا قادح في استحقاق الإمامة ..
ومنها أنه لم يكن عارفا بالأحكام حتى قطع يسار سارق من الكوع لا يمينه .. وقال لجدة سألته ميراثها ما أجد لك شيئا في كتاب الله ولا سنة نبيه - فأخبره المغيرة ومحمد بن مسلمة أن الرسول عليه الصلاة والسلام أعطاها السدس وقال: أعطوا الجدات السدس ولم يعرف الكلالة - وهى من لا والد له ولا ولد - وكل وارث ليس بوالد ولا ولد .. والجواب بعد التسليم أن هذا لا يقدح في الاجتهاد فكم مثله للمجتهدين ..
ومنها أنه شك عند موته في استحقاقه الإمامة حيث قال: وددت أنى سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الأمر فيمن هو وكنا لا ننازعه أهله .. والجواب أن هذا على تقدير صحته لا يدل على الشك بل على عدم النص وأن إمامته كانت بالبيعة والاختيار وأنه في طلب الحق بحيث يحاول أن لا يكتفى بذلك بل يريد اتباع النص خاصة ..
ومنها أن عمر مع كونه وليه وناصره قال: كانت بيعة أبى بكر فلتة وقى الله تعالى المسلمين شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه يعنى أنها كانت فجأة لا عن تدبر وابتناء على أصل .. والجواب أن المعنى كانت فجأة وبغتة وقى الله المسلمين شر الخلاف الذي يكاد يظهر عندها .. فمن عاد إلى مثل تلك المخالفة الموجبة لتبديد الكلمة فاقتلوه وكيف يتصور منه القدح في إمامة أبى