بكر مع ما علم من مبالغته في تنظيمه وفى انعقاد البيعة له ومن صيرورته خليفة باستخلافه ..
ولهم حكايات تجرى مجرى ذلك أكثرها افتراءات .. وما أقبح بناء المذاهب على الترهات والأحاديث المفتريات ..
وقدحوا في إمامة عمر بوجوه:
منها: أنه لم يكن عارفا بالأحكام حتى أمر برجم امرأة حامل أقرت بالزنا ورجم امرأة مجنونة فنهاه على رضى الله تعالى عنه عن ذلك. فقال: لولا عليّ لهلك عمر .. ونهى عن المغالاة في الصداق فقامت إليه امرأة فقالت: ألم يقل الله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} فقال: كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات ..
والجواب بعد تسليم القصة وعلمه بالحمل والجنون ونهيه عن المغالاة في المهور على وجه التحريم .. فإن الخطأ في مسألة أو أكثر لا ينافى الاجتهاد ولا يقدح في الإِمامة .. والاعتراف بالنقصان هضم للنفس ودليل على الكمال ..
ومنها: أنه لم يكن عالما بالقرآن حتى شك في موت النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسكن إليه حتى تلا عليه أبو بكر قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} فقال: كأنى لم أسمع هذه الآية ..
والجواب: أن ذلك كان لتشويش البال واضطراب الحال والذهول عن جليات الأحوال .. أو لأنه فهم من قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} وقوله: {ليستخلفهم في الأرض} أنه يبقى إلى تمام هذه الأمور وظهورها .. وفى قوله: كأنى لم أسمع هذه الآية دلالة على أنه سمعها وعلمها لكن ذهل عنها أو حملها على معنى آخر - أي كأنى لم أسمعها سماع إطلاع على هذا المعنى - بل أنه يموت بعد تمام الأمور المذكورة.
ومنها: أنه تصرف في بيت المال بغير الحق فأعطي أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - منه مالا كثيرًا حتى روى أنه أعطى عائشة وحفصة كل سنة عشرة آلاف درهم. واقترض لنفسه منه ثمانين ألف درهم ..
وكذلك في أموال الغنائم حيث فضل المهاجرين على الأنصار والعرب على العجم ومنع أهل البيت خمسهم الذي هو سهم ذوى القربى بحكم الكتاب - والجواب: أن من تتبع ما تواتر من أحواله علم قطعا أن حديث التصرف في الأموال محض افتراء ..
وأما التفضيل فله ذلك بحسب ما يرى من المصلحة .. فإنه من الاجتهاديات التي لا قاطع فيها ..
وأما الخمس فقد كان لذوى القربى وهم بنو هاشم وبنو عبد المطلب من أولاد عبد مناف بالنص والإجماع إلا أنه اجتهد فذهب إلى أن مناط الاستحقاق هو الفقر فخصه بالفقراء منهم أو إلى أنها من قبيل الأوساخ المحرمة على بنى هاشم.
وبالجملة فهذه مسألة اجتهادية معروفة في كتب الفقه لا تقدح في استحقاق الإِمامة.
ومنها أنه منع متعة النكاح وهى أن يقول الرجل لامرأة أتمتع بك كذا مدة بكذا درهمًا .. أو متعينى نفسك أياما بكذا ..
أو ما يؤدى هذا المعنى وجوزها مالك والشيعة وفى معناها النكاح إلى أجل معلوم. وجوزه زفر لازما .. أي يجوز العقد عنده ولكن لا يقع مؤقتا بل يقع لازما ومتعة الحج وهى أن يأتى مكة من على مسافة القصر منها محرمًا