فيعتمر في أشهر الحج ويقيم حلالا بمكة وينشئ منها الحج عامة ذلك وقد كان معترفًا بشرعية المتعتين في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - على ما روى عنه أنه قال: ثلاث كن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا أنهى عنهن وأحرمهن .. وهى متعة النساء ومتعة الحج وصى على خير العمل ..
والجواب: أن هذه مسائل اجتهادية وقد ثبت نسخ إباحة متعة النساء بالآثار المشهورة إجماعًا من الصحابة على ما روى محمد بن الحنفية عن على رضى الله عنه أن منادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نادى يوم خيبر: ألا أن الله ورسوله ينهيانكم عن المتعة .. وقال جابر بن زيد: ما خرج ابن عباس من الدنيا حتى رجع عن قوله في الصرف والمتعة، وبعضهم على أنه إنما ثبتت إباحتها مؤقتة بثلاثة أيام ..
ومعنى أحرمهن: أحكم بحرمتهن وأعتقد ذلك لقيام الدليل كما يقال: حرم المثلث الشافعي وأباحه أبو حنيفة رحمهما الله تعالى.
ومنها: أنه جعل الخلافة شورى بين ستة مع الإِجماع على أنه لا يجوز نصب خليفتين لما فيه من إثارة الفتنة ..
والجواب: أن ذلك حيث يكون كلا منهما مستقلا بالخلافة .. فأما بطريق المشاورة وعدم انفراد البعض بالرأى فلا .. لأن ذلك بمنزلة نصب إمام واحد كامل الرأى .. وقد يقال: إن معنى جعل الإِمامة شورى أن يتشاوروا فينصبوا واحدًا منهم ولا تتجاوزهم الإمامة. ولا يعبأ بتعيين غيرهم وحينئذ لا إشكال ومن نظر بعين الإنصاف وسمع ما اشتهر عن عمر في الأطراف علم جلاله محله عما تدعيه، الأعداء وبراءة ساحته عما يفتريه أهل البدع والأهواء وجزم بأنه كان الغاية في العدل والسداد والاستقامة على سبيل الرشاد وأنه لو كان بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبى لكان عمر، ولو يبعث فينا نبى لبعث عمر، ولكن لا دواء لداء العناء ومن يضلل فما له من هاد ..
وقدحوا في إمامة عثمان: بأنه:
وَلّى أمور المسلمين من ظهر منهم الفسق والفساد كالوليد بن عقبة وعبد الله بن أبى سرح ومروان بن الحكم ومعاوية بن أبى سفيان ومن يجرى مجراهم .. وأنه صرف أموال بيت المال إلى أقاربه حتى نقل أنه صرف إلى أربعة نفر منهم أربعمائة ألف درهم وأنه حمى لنفسه.
وقد قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لا حمى إلا لله ولرسوله .. " وعمر إنما حمى لأجل المسلمين العاجزين ولنحو تعم الصدقة والجزية والضوال لا لنفسه .. وأنه أحرق مصحف عبد الله بن مسعود وضربه حتى كسر ضلعين من أضلاعه .. وضرب عمارًا حتى أصابه فتق وضرب أبا ذر ونفاه إلى الربذة وأنه رد الحكم بن العاص وكان قد سيره النبي - صلى الله عليه وسلم - ..
وأنه أسقط القود عن عبد الله بن عمر وقد قتل الهرمزان .. والحد عن الوليد بن عقبة وقد شرب الخمر، وأن الصحابة خذلوه حتى قتل ولم يدفن إلا بعد ثلاثة أيام ..
والجواب: أن بعض هذه الأمور مما لا يقدح في إمامته كظهور الفسق والفساد من ولاة بعض البلاد إذ لا إطلاع على السرائر .. وإنما عليه الأخذ بالظاهر .. والعزل عن تحقيق الفسق ..
ومعاوية كان على الشام في زمن عمر أيضًا .. والمذهب أن الباغى ليس بفاسق ولو سلم فإنما ظهر ذلك في زمان إمامة على رضى الله عنه وبعض هذه الأمور افتراء محض كصرف ذلك القدر من بيت المال إلى أقاربه وأخذ الحمى لنفسه وضرب الصحابة إلى الحد المذكور ..