وبعضها اجتهاديات مفوضة إلى رأى الإمام حسب ما يراه من المصلحة كالتأديب والتعزير ودرء الحدود والقصاص بالشبهات والتأويلات ..
وبعضها كان بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - كرد الحكم وبن العاص على ما روى أنه ذكر ذلك لأبى بكر وعمر رضى الله عنهما فقالا: إنك شاهد واحد ..
فلما آل الأمر إليه حكم بعلمه ..
وأما حديث خذلان الصحابة إياه وتركهم دفنه من غير عذر فلو صح كان قدحا فيهم لا فيه .. ونحن لا نظن بالمهاجرين والأنصار رضى الله عنهم عمومًا وبعلى بن أبى طالب رضى الله عنه خصوصًا أن يرضوا بقتل مظلوم في دارهم وترك دفن ميت في جوارهم سيما من هو قانت آناء الليل ساجدًا وقائما .. وعاكف طول النهار ذاكرا وصائما شرفه رسول الله بتزويجه ابنته وبشره بالجنة وأثنى عليه.
فكيف يخذلونه وقد كان من زمرتهم وطول العمر في نصرتهم وعلموا سابقتهم في الإِسلام وخاتمته إلى دار السلام .. لكنه لم يأذن لهم في المحاربة ولم يرض بما حاولوا من المدافعة تجاميا عن إراقة الدماء ورضا بسابق القضاء .. ومع ذلك لم يدع الحسن والحسين رضى الله عنهما في الدفع عنه مقدورًا وكان أمر قدرًا مقدورًا ..
ثم قال السعد (١): إن الشيعة يزعمون أن الإِمام الحق بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ثم ابنه الحسن ثم أخوه الحسين ثم ابنه على زين العابدين ثم ابنه محمد الباقر ثم ابنه جعفر الصادق ثم ابنه موسى الكاظم ثم ابنه على الرضا .. ثم ابنه محمد الجواد ثم ابنه على الزكى .. ثم ابنه الحسن العسكرى ثم ابنه محمد القائم المهدى المنتظر ..
ويدعون أنه ثبت بالتواتر نص كل من السابقين على من بعده .. ويروون عن النبي أنه قال للحسن رضى الله عنه ابنى هذا إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم ويتمسكون تارة بأنه يجب في الإمام العصمة والأفضلية ..
ولا يوجدان فيمن سواهم .. والعاقل يتعجب من هذه الروايات والمتواترات التي لا أثر لها في القرون السابقة من أسلافهم ولا رواية عن العترة الطاهرة ومن يوثق بهم من المحدثين والرواة وأنه كيف يأتى من زيد بن علي رضى الله عنه مع جلالة قدره دعوى الخلافة ..
وكيف لم تبلغه هذه المتواترات بعد مائة سنة .. وقد بلغت آحاد الروافض بعد سبعمائة سنة ثم لسائر فرق الشيعة في باب الإمامة اختلافات لا تحصى ذكر الإمام في المحصل نبذا منها ..
ثم قال السعد: لما ذهب معظم أهل السنة وكثير من الفرق إلى أنه يتعين للإمامة أفضل أهل العصر إلا إذا كان في نصبه هرج وهيجان فتن احتاجوا إلى بحث الأفضلية ..
فقال أهل السنة: الأفضل أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم على ..
وقد مال البعض منهم إلى تفضيل على رضى الله عنه على عثمان والبعض إلى التوقف فيما بينهما - قال إمام الحرمين ..
مسألة امتناع امامة المفضول ليست بقطعية ثم لا قاطع مشاهد من العقل على تفضيل بعض الأئمة على البعض .. والأخبار الواردة على فضائلهم متعارضة لكن الغالب على الظن أن أبا بكر أفضل ثم عمر .. ثم يتعارض الظنون في عثمان وعلى رضى الله عنهما ..
(١) الإمام السعد ص ٢٩٧.