وذهب الشيعة وجمهور المعتزلة إلى أن الأفضل بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رضى الله - عنه ..
لنا إجمالًا أن جمهور عظماء الملة وعلماء الأمة أطبقوا على ذلك .. وحسن الظن بهم يقتضى أنهم لو لم يعرفوا بدلائل وأمارات لما أطبقوا عليه .. وتفصيلا الكتاب والسنة والأثر والإمارات ..
أما الكتاب فقوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى} فالجمهور على أنها نزلت في أبى بكر رضى الله تعالى عنه .. والأتقى: الأكرم لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ولا يعنى بالأفضل إلا الأكرم وليس المراد به عليا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - له عنده نعمة تجزى وهى نعمة التربية ..
وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اقتدوا باللذين من بعدى أبى بكر وعمر" دخل في الخطاب على رضى الله عنه فيكون مأمورًا بالافتداء ولا يؤمر الأفضل ولا المساوى بالاقتداء سيما عند الشيعة .. وقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبى بكر وعمر هما سيِّدا كهول أهل الجنة ما خلا النبيين والمرسلين ..
وقوله: خير أمتى أبو بكر ثم عمر .. وقوله: ما ينبغى لقوم فيهم أبى بكر أن يتقدم عليه عنده .. وقوله: لو كنت متخذا خليلا دون ربى لاتخذت أبا بكر خليلا .. ولكن هو شريك في دينى وصاحبى الذي أوجبت له صحبته في الغار وخليفتى في أمتى …
وعن عمرو بن العاص: قلت يا رسول الله: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة. قلت: من الرجال؟ قال: أبوها. قلت: ثم من؟ قال: عمر .. وقال - صلى الله عليه وسلم -: لو كان في بعدى نبى لكان عمر.
وأما الأرثر: فعن ابن عمر .. كنا نقول ورسول الله حى: أفضل أمة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان. وعن محمد بن الحنفية: قلت لأبى: أي الناس خير بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - .. قال أبو بكر - قلت: ثم من؟ قال: عمر .. وخشيت أن أقول ثم من؟ فيقول عثمان .. فقلت: ثم أنت. قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين .. وعن علي رضى الله عنه: خير الناس بعد النبيين: أبا بكر ثم عمر ثم الله أعلم.
وأما الأمارات: فما تواتر في أيام أبى بكر من اجتماع الكلمة وتآلف القلوب وتتابع الفتوح وقهر أهل الردة .. وتطهير جزيزة العرب من الشرك وإجلاء الروم عن الشام وأطرافها وطرد فارس عند حدود السواد وأطراف العراق مع قوتهم وشوكتهم ووفر أموالهم وانتظام أحوالهم ..
وفى أيام عمر من فتح جانب المشرق إلى أقصى خراسان وقطع دولة العجم وثل عرشهم الراسى البنيان الثابت الأركان ومن ترتيب الأمور وسياسة الجمهور وإفاضة العدل وتقوية الضعفاء ومن إعراضه عن متاع الدنيا وطيباتها وملاذها وشهواتها ..
وفى أيام عثمان من فتح البلاد وإعلاء لواء الإسلام وجمع الناس على مصحف واحد مع ما كان من الورع والتقوى وتجهيز جيوش المسلمين والإنفاق في نصرة الدين والمهاجرة هجرتين وكونه خَتَنًا للنبى - صلى الله عليه وسلم - على ابنتين .. والاستحياء من أدنى شين … وتشرفه بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: عثمان أخى ورفيقى في الجنة .. وقوله: ألا استحى ممن تستحى منه ملائكة السماء ..