للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصوب ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ بلغه فعله ..

وساعد خالدًا جميع المسلمين رضى الله عنهم .. أو أن يقوم كذلك عند ظهور منكر يراه فتلزم معاونته على البر والتقوى ولا يجوز التأخر عنه لأن ذلك معاونة على الإِثم والعدوان .. وقد قال عز وجل {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} وقد قال عز وجل {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} كما فعل يزيد بن الوليد ومحمد بن هارون المهدى رحمهما الله ..

وثالثها: أن يصير الإمام عند وفاته اختيار خليفة المسلمين إلى رجل ثقة أو إلى أكثر من واحد كما فعل عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - عند موته وليس عندنا في هذا الوجه إلا التسليم لما أجمع عليه المسلمون حينئذ ..

ولا يجوز التردد في الاختيار أكثر من ثلاث ليال للثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله: من بات ليلة وليس في عنقه بيعة ولأن المسلمين لم يجتمعوا على ذلك أكثر من ذلك .. والزيادة على ذلك باطل ولا يحل ..

على أن المسلمين يومئذ من حين موت عمر - رضى الله عنه - قد اعتقدوا بيعة لازمة في أعناقهم لازمة لأحد أولئك الستة بلا شك .. فهم وإن لم يعرفوه بعينه فهو بلا شك واحد من أولئك الستة فبأخذ هذه الوجوه تصح الإِمامة .. ولا تصح بغير هذه الوجوه البتة ..

فإن مات الإِمام ولم يعهد إلى إنسان بعينه فوثب رجل يصلح للإمامة فبايعه واحد فأكثر .. ثم قام آخر ينازعه ولو بطرفة عين بعده فألحق حق الأول وسواء كان الثاني أفضل منه أو مثله أو دونه لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فوا ببيعة الأول فالأول من جاء ينازعه فأضربوا عنقه كائنا من كان ..

فلو قام اثنان فصاعدا معا في وقت واحد ويئس من معرفة أيهما سبقت بيعته نظر أفضلهما أو أسوسهما فالحق له ووجب نزع الآخر لقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ومن البر تقليد الأسوس ..

وليس هذا بيعة متقدمة يجب الوفاء بها ومحاربة من نازع صاحبها فإن استويا في الفضل قدم الأسوس .. نعم وإن كان أقل فضلا إذا كان مؤديا للفرائض والسنن مجتنبا للكبائر مستترا بالصغائر لأن الفرض من الإِمامة حسن السياسة والقوة على القيام بالأمور ..

فإن استويا في الفضل والسياسة أفرغ بينهما أو نظر في غيرهما .. والله عز وجل لا يضيق على عباده هذا الضيق ولايوقفهم على هذا الحرج لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وهذا أعظم الحرج ..

وفى المسايرة في علم الكلام للكمال بن الهمام الحنفى: إن الإمامة تنعقد بأحد طريقين .. إما باستخلاف الخليفة القائم من تتوفر فيه الصفات والشروط للقيام بأمر المسلمين بعد موته كما فعل أبو بكر - رضى اللّه عنه - إذ استخلف عمر - رضى الله عنه - فرضى المسلمون بخلافته فكان إجماعًا على صحة الاستخلاف طريقا لانتفاء الإِمامة ..

وأما ببيعة من أهل الحل والعقد دون اشتراط جميعهم أو عدد معين منهم .. بل يكتفى بجماعة من العلماء أو من أهل الرأى والتدبير وفى الدر المختار شرح تنوير الأبصار وحاشية ابن عابدين عليه: