الاستخلاف إلا أن الشخص المستخلف في هذه الحالة غير معين - فيتشاور أهل الشورى فيما بينهم ويتفقون على أحدههم - وإذا خلع الإمام نفسه لسبب يقتضيه كان كموته فينتقل الأمر إلى ولى العهد بعده.
الثالث: القهر والاستيلاء .. فإذا مات الإمام وتصدى للإمامة من يستجمع شرائطها من غير بيعة ولا استخلاف وقهر الناس بشوكته .. انعقدت الخلافة له - وكذا إذا كان فاسقا أو جاهلا على الأظهر .. إلا أنه يكون عاصيا بما فعل .. ولا يعتبر الشخص إماما بنفرده بشروط الإمامة ..
وتجب طاعة الإمام ما لم يخالف حكم الشرع سواء كان عادلًا أو جائرًا .. ولا يجوز نصب إمامين في وقت واحد على الأظهر .. وإذا ثبت الإمام بالقهر والغلبة .. ثم جاء آخر فقهره - انعزل وصار القاهر الثاني إمامًا .. وقال في موضع آخر عند حديثه عما ينعزل به الإمام: "ومن صار إماما بالقهر والغلبة ينعزل بأن يقهره آخر ويغلبه".
وجاء في شرح الدر المختار على تنوير الأبصار .. وحاشية ابن عابدين على هذا الشرح: "وتصح سلطنة متغلب للضرورة" .. أي من تولى بالقهر والغلبة بلا مبايعة أهل الحل والعقد وإن استوفى الشروط المارة تصح إمامته للضرورة وتجب طاعته دفعا للفتنة ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اسمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عبد حبشى أجدع" وأفاد هذا الكلام أن الأصل في الإمامة أن تكون بالتقليد قال في المسايرة للكمال بن الهمام: ويثبت عند الإمامة إما باستخلاف الخليفة القائم إياه كما فعل أبو بكر - رضى اللّه عنه - لما استخلف عمر - رضى الله عنه - .. وإما ببيعة جماعة من العلماء أو جماعة من أهل الرأى والتدبير .. وعند الأشعرى: يكفى الواحد من العلماء المشهورين من أولى الرأى بشرط كونه بمشهد شهود لدفع الإنكار إن وقع .. وشرط المعتزلة خمسة - وذكر بعض الحنفية اشتراط جماعة دون عدد مخصوص ..
ويروى عن الإمام أحمد - رضى الله عنه - قوله: "وعن غلبهم - أي المسلمين - بالسيف صار خليفة. وسمى أمير المؤمنين. ولا يحل لأحد يؤمن باللّه واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماما عليه - برًّا كان أو فاجرًا".
ونقل عن القاضي ابن جماعة الدمشقى المتوفى سنة ١٣٣٣ م قوله: "وتنعقد الإمامة بطرق":
الطريق الأول: البيعة من أهل الحل والعقد دون اشتراط عدد معين على الأظهر ..
الطريق الثالث: استخلاف الإمام القائم وعهده لشخص بالإمامة بعده ومنه جعل الأمر في تعيين الإِمام شورى بين جماعة يتشاورون فيما بينهم ويتفقون على تعيين أحدهم.
الطريق الثالث: الذي تنعقد به الإمامة فهو قهر صاحب الشوكة وغلبته. فإذا خلا الوقت من إمام فتصدى للإمامة من هو من أهلها وقهر الناس بشوكته وجنوده بغير بيعة أو استخلاف انعقدت إمامته ولزمت طاعته لينتظم شمل المسلمين وتجتمع كلمتهم ..
ولا يقدح في ذلك كونه جاهلًا أو فاسقًا .. وإذا انعقدت الإمامة بالشوكة والغلبة لواحد .. ثم قام آخر فقهر الأول بشوكته وجنوده انعزل الأول وصار الثاني إمامًا لما قدمناه من مصلحة المسلمين وجمع كلمتهم .. ولذلك قال ابن عمر