للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الآخر لم تستقر إمامته إلا ببينة تشهد بتقدمه ..

ولو أقر أحدهما للآخر بالتقدم في العقد خرج منها المقر ولم تستقر للآخر لأن المقر مقر في حق المسلمين .. فإن شهد له المقر بتقدمه فيها مع شاهد آخر سمعت شهادته إن ذكر اشتباه الأمر عليه عند التنازع .. ولم يسمع منه إن لم يذكر الاشتباه لما في القولين من التكاذب .. وإذا دام الاشتباه بينهما بعد الكشف ولم تقم بينة لأحدهما بالتقدم لم يقرع بينهما لأمرين:

الأول: أن الإمامة عقد والقرعة لا مدخل لها في العقود.

الثاني: أن الإِمامة لا يجوز فيها الاشتراك .. والقرعة لا مدخل لها فيما لا يصح الاشتراك فيه كالمناكحات .. وتدخل فيما يصح فيه الاشتراك كالأموال .. ويكون دوام هذا الاشتباه مبطلا لعقدى الإِمامة فيهما ..

ويستأنف أهل الاختيار عقدها لأحدهما .. فلو أرادوا العدول بها عنهما إلى غيرهما .. فقد قيل بجوازه لخروجهما عنها .. وقيل لا يجوز لأن البيعة لهما قد صرفت الإمامة عمن عداها .. ولأن الاشتباه لا يمنع ثبوتها في أحدهما ..

وجاء في شرح المقاصد للسعد التفتازانى أثناء حكايته ما جاء في كتب الفقه والفروع خاصا بالإِمامة لبيان أن الإمامة من مسائل الفروع أصلا لأن حكمها أنها من فروض الكفاية فذكرها في الكتب الفقهية أليق .. وبيان السبب في العدول عن ذلك وذكرها في علم الكلام .. جاء بالمقاصد (١): "ولا يجوز نصب إمامين في وقت واحد على الأظهر".

وجاء في المسايرة للكمال بن الهمام وشرحها لتلميذه الكمال بن أبى شريف:"ولا يولى الإمامه أكثر من إمام واحد لقوله - صلى الله عليه وسلم -:"إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما، رواه مسلم من حديث أبى سعيد .. والأمر بقتله محمود على ما إذا لم يندفع إلا بالقتل".

وقال الغزالى بعد ذكر الصفات التي يجب توافرها في الإمام: "فإن ولى عدد موصوف بهذه الصفات .. فالإمام من انعقدت له البيعة من الأكثر والمخالف يجب رده إلى الانقياد للحق .. ".

وجاء في المواقف للعضد: ولا يجوز العقد لإِمامين في وضع واحد متضايق الأقطار .. أما في مسمعها بحيث لا يسع الواحد تدبيره .. فهو محل الاجتهاد .. وقال شارحه السيد الجرجانى تعليقا على ذلك:"لوقوع الخلاف".

تلك هي عبارات المؤلفين في موضوع تعدد الإمام أشار أكثرها إلى أن هناك خلافا في جواز تعدد الإمام ولكنه كما يبدو خلاف ضعيف ليس بذى أثر ..

فقد ذكر ابن حزم أسماء المخالفين ورد أدلتهم ووصف القاضي الماوردى المخالفين بأنهم شذرا ولم يشر البعض إلى هذا الخلاف مطلقا كأنهم على ما يظهر لم يعتبروا به .. غير أن من أشار إلى الخلاف قد أطلقه ولم يقيده بحالة ولا موضع فيما عدا العضد في المواقف فإنه فرق بين حالتين ..

حالة الصقع المتضايق الأقطار .. وهذه جعل عدم جواز التعدد فيها محل اتفاق.

وحالة الصقع المتسع الأقطار بحيث لا يسع الإمام الواحد تدبيره والقيام بشئونه .. وهذه جعل إباحة التعدد فيها محل اجتهاد ..