للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اسمعوا وأطيعوا وإن ولى عليكم عبد حبشى أجدع" "من خلع يدا من طاعة لقى الله يوم القيامة ولا حجة له، والمراد طاعة الإمام بدليل سياق الحديث والأحاديث الواردة في شأن الإمام والأئمة غير أن الطاعة الواجبة هي فيما يوافق حكم الدين ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وعلى المرء المسلم السمع والطاعة في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه وأثرةٍ عليه ما لم تؤمر بمعصية .. فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ..

طاعة ولى الأمر: قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}.

وقد روى مسلم سبب نزول هذه الآية من عدة طرق في بعضها إجمال وفى بعضها تفصيل .. وقال النووى في شرح مسلم: "قال العلماء: المراد بأولى الأمر من أوجب الله طاعته من الأمراء والولاة" .. هذا قول جماهير السلف والخلف من المفسرين والفقهاء وغيرهم .. وقيل: هم العلماء .. وقيل الأمراء والعلماء ..

أما من قال أنهم الصحابة خاصة فقد أخطأ .. ثم قال النووى:

إنه قد أجمع العلماء على وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وعلى تحريمها في المعصية .. وقد نقل الإِجماع على ذلك القاضي عياض وآخرون ..

وقال القرطبي في تفسيره (١): عن تفسير هذه الآية: "لما تقدم إلى الولاة في الآية المتقدمة {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} وبدأ بهم فأمرهم بأداء الأمانات إلى أهلها وأن يحكموا بين الناس بالعدل - تقدم في هذه الآية إلى الرعية فأمر بطاعته عز وجل أولا .. وهى امتثال أوامره واجتناب نواهيه .. ثم بطاعة رسوله ثانيا فيما أمر به ونهى عنه .. ثم بطاعة الأمراء ثالثا على قول الجمهور وأبى هريرة وابن عباس وغيرهم ..

قال سهل بن عبد الله التُّستَرِيّ: أطيعوا السلطان في سبعة: ضرب الدراهم والدنانير والمكاييل والأوزان والأحكام والحج والجمعة والعيدين والجهاد ..

قال سهل: وإذا نهى السلطان العالِمَ أن يُفتِى فليس له أن يُفْتِى فإن أفتى فهو عاصٍ - وإن كان أميرًا جائرًا .. وقال ابن خُوَيزِ مَنْدَاد: وأما طاعة السلطان فتجب فيما كان لله فيه طاعة ولا تجب فيما كان لله فيه معصية .. ولذلك قلنا:

إن ولاة زماننا لا تجوز طاعتهم ولا معاونتهم ولا تعظيمهم .. ويجب الغَزْو معهم متى غزَوْا .. والحكم من قِبَلِهِم وتولية الإمامة والحسبة .. وإقامة ذلك على وجه الشريعة .. وإن صلوا بنا وكانوا فسقة من جهة العاصى جازت الصلاة معهم .. وإن كانوا مبتدعة لم تجز الصلاة معهم .. إلا أن يُخَافُوا فَيُصَلَّى معهم تُقْيَةً وتعاد الصلاة ..

قلت: روى عن علي بن أبى طالب رضى الله عنه أنه قال: حق على الإمام أن يحكم بالعدل ويؤدى الأمانة .. فإذا فعل ذلك وجب على المسلمين أن يطيعوه لأن الله تعالى أمرنا بأداء الأمانة العدل ثم أمر بطاعته ..

وقال جابر بن عبد الله ومجاهد: - أولوا