فإن لم يثبت تعدى الزوج وعظه الحاكم فقط دون ضرب، فإن ثبت تعدى كل منهما على صاحبه وعظهما الحاكم ثم ضربهما باجتهاده، فإن لم يثبت فالوعظ فقط. وإذا ادعت الزوجة الضرر وتكررت شكواها وعجزت عن إثبات دعواها أو ادعى كل منهما الضرر وتكرر منهما الشكوى وعجزا عن إثباته سكنها بين قوم صالحين - وهم من تقبل شهادتهم لا الأولياء أصحاب الكرامات - إن لم تكن بينهم، فإن كانت بينهم من أول الأمر فإنهم يوصون على النظر في حالهما ليعلم من عنده ظلم منهما. وإن استمر الإشكال بعد تسكينها بين قوم صالحين أو كانت بينهم ابتداء أو لم يمكن السكنى بينهم بعث الحاكم أو من يقوم مقامه حكمين من أهلهما أي حكما من أهله وحكما من أهلها إن أمكن، وإن لم يدخل الزوج بها فقد يكونان في بيت واحد أو جارين فيتنازعان. ولا يجوز بعث أجنبيين مع إمكان الأهلين لأن الأقارب أعرف ببواطن الأحوال وأطيب للصلاح ونفوس الزوجين أسكن إليهما فيبرزان لهما ما في ضمائرهما من الحب والبغض وإرادة الفرقة أو الصحبة. فإن بعث أجنبيين مع إمكان الأهلين ففى نقض حكمهما تردد، فإن لم يمكن كونهما معا من الأهل، بل واحد فقط من أهل أحدهما والثانى أجنبى قال اللخمى رحمه الله تعالى: ضم لأهل أحدهما أجنبى، وقال ابن الحاجب رحمه الله تعالى: يتعين كونهما أجنبيين ويترك قريب أحدهما لئلا يميل القريب إلى قريبه. وندب كونهما جارين في بعث الأهلين إن أمكن والأجنبيين إن لم يمكن، وبطل حكم غير العدل وحكم السفيه والمرأة وغير الفقيه بأحكام النشوز من طلاق أو إبقاء أو بحال ونفذ طلاق الحكمين ويقع بائنا ولو لم يكن خلعا بأن كان بلا عوض، وإن لم يرض الزوجان به بعد إيقاعه، وأما قبله فلهما الإقلاع، وكذا ينفذ إن لم يرض الحاكم به سواء كانا مقامين من جهة الحاكم أو من جهة الزوجين، فهو نافذ ولو لم يرض من ذكر به لأن طريقهما الحكم لا الوكالة ولا الشهادة. ولا ينفذ أكثر من طلقة واحدة لأن الزائد خارج عن معنى الإصلاح الذي بعثا إليه فللزوج رد الزائد. وللزوجة التطليق على الزوج بالضرر وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعى وضربها كذلك وسبها وسب أبيها كما يقع كثيرا من رعاع الناس ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، وكوطئها في دبرها، لها التطليق بالضرر المذكور لا بمنعها من حمام وفرجة ونزهات وتأديبها على ترك صلاة ولا بتسر وتزوج عليها. قال الدسوقي: وليس للزوج أن يمنع زوجته من التجر والبيع والشراء حيث كانت لا تخرج ولا تخلو بأجنبى ولا يخشى عليها الفساد بذلك، وليس له غلق الباب عليها. ومتى شهدت بينة بأصل الضرر فلها اختيار الفراق ولو لم تشهد البينة بتكرر الضرر، ولها اختيار البقاء معه ويزجره الحاكم ولو سفيهة أو صغيرة، ولا كلام لوليها في ذلك. وعلى الحكمين وجوبا الإصلاح بين الزوجين بكل وجه ممكن فإن تعذر الإِصلاح نظرا فإن أساء الزوج عليها طلقا عليه بلا مال يأخذانه منها له لظلمه، وبالعكس بأن كان الإِساءة منها فقط أئتمناه عليها وأمراه بالصبر وحسن المعاشرة أو خالعا بنظرهما في قدر المخالع به ولو زاد على الصداق إن أحب الزوج الفراق أو علما أنها لا تستقيم معه. وإن حصلت الإساءة من كل ولو غلبت من أحدهما على الآخر فهل يتعين عند العجز عن الإِصلاح الطلاق بلا خلع إن لم ترض