للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزوج. والمذهب الأول؛ لأنه قد يحتاج إليها في خدمة غير الصنعة. ويجوز للزوج أن يجبر امرأته على الغسل من الحيض والنفاس لأن الوطء يقف عليه وفى غسل الجنابة قولان أحدهما له أن يجبرها عليه لأن كمال الاستمتاع يقف عليه لأن النفس تعاف من وطء الجنب. والثانى ليس له أن يجبرها لأن الوطء لا يقف عليه، وفى التنظيف والاستحداد وجهان أحدهما يملك إجبارها عليه لأن كمال الاستمتاع يقف عليه. والثانى لا يملك إجبارها عليه لأن الوطء لا يقف عليه. وهل له أن يمنعها من أكل ما يتأذى برائحته؟ فيه وجهان أحدهما له منعها لأنه يمنع كمال الاستمتاع، والثانى ليس له منعها لأنه لا يمنع الوطء، فإن كانت ذمية فله منعها من السكر لأنه يمنع الاستمتاع لأنها تصير كالزق المنفوخ ولأنه لا يأمن أن تجنى عليه. وهل له أن يمنعها من أكل لحم الخنزير وشرب القليل من الخمر؟ فيه ثلاثة أوجه أحدها: يجوز له منعها لأنه يمنع كمال الاستمتاع، والثانى: ليس له منعها لأنه لا يمنع الوطء. والثالث وهو قول أبى على بن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه: أنه ليس له منعها من لحم الخنزير لأنه لا يمنع الوطء. وله منعها من قليل الخمر لأن السكر يمنع الاستمتاع ولا يمكن التمييز بين ما يسكر وبين ما لا يسكر مع اختلاف الطباع فمنع من الجميع (١). وللزوج منع الزوجة من الخروج إلى المساجد وغيرها لما روى ابن عمر رضى الله تعالى عنهما قال رأيت امرأة أتت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالت يا رسول الله ما حق الزوج على زوجته؟ قال حقه عليها أن لا تخرج من بيتها إلا بإذنه فإن فعلت لعنها الله وملائكة الرحمة وملائكة الغضب حتى تتوب أو ترجع. قالت يا رسول الله وإن كان لها ظالما؟ قال: وإن كان لها ظالما. ولأن حق الزوج واجب فلا يجوز تركه بما ليس بواجب، ويكره منعها من عيادة أبيها إذا أثقل وحضور مواراته إذا مات لأن منعها من ذلك يؤدى إلى النفور ويغريها (٢) بالعقوق. ويجب على الزوج معاشرتها بالمعروف من كف الأذى لقول الله عز وجل: "وعاشروهن بالمعروف" (٣) ويجب عليه بذل ما يجب من حقها من غير مطل لقول الله عز وجل: "وعاشروهن بالمعروف" ومن العشرة بالمعروف بذل الحق من غير مطل. ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: مطل الغنى ظلم. ولا يجب عليه الاستمتاع لأن الداعى إلى الاستمتاع الشهوة والمحبة فلا يمكن إيجابه، والمستحب أن لا يعطلها لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله تعالى عنهما قال قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتصوم النهار؟ قلت نعم، قال: وتقوم الليل؟ قلت نعم، قال لكنى أصوم وأفطر وأصلى وأنام وأمس النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى. ولأنه إذا عطلها لم يأمن الفساد ووقوع الشقاق (٤). ولا يجوز وطؤها في الدبر؛ لما روى خزيمة بن ثابت رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ملعون من أتى امرأة في دبرها. ويكره العزل لما روت


(١) المهذب للإمام الموفق أبى إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف النيرور آبادى الشيرازى حـ ٢ ص ٦٥، ص ٦٦ في كتاب أسفله النظم المستعذب في شرح غريب المهذب للعلامة محمد بن أحمد بن بطال الركبى طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.
(٢) أغراه بالشئ إذا ألزمه إياه، وأصله من الإلصاق بالغراء.
(٣) الآية رقم ١٩ من سورة النساء.
(٤) المهذب لأبى إسحاق الشيرازى جـ ٢ ص ٦٦ الطبعة السابقة.