للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جذامة بنت وهب قالت حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوه عن العزل فقال ذلك الوأد الخفى. فإن كان ذلك في وطء أمته لم يحرم لأن الاستمتاع بها حق له لا حق لها فيه، وإن كان في وطء زوجته فإن كانت مملوكة لم يحرم لأنه يلحقه العار باسترقاق ولده منها، وإن كانت حرة فإن كان بإذنها جاز لأن الحق لهما، وإن لم تأذن فقيه وجهان أحدهما: لا يحرم لأن حقها في الاستمتاع دون الإِنزال، والثانى يحرم لأنه يقطع النسل من غير ضرر يلحقه. وتجب على المرأة معاشرة الزوج بالمعروف من كف الأذى كما يجب عليه في معاشرتها ويجب عليها بذل ما يجب له من غير مطل؛ لما روى أبو هريرة رضى الله تعالى عنه: قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا دعا أحدكم امرأته إلى فراشه فأبت فبات وهو عليها ساخط لعنتها الملائكة حتى تصبح. ولا يجب عليها خدمته في الخبز والطحن والطبخ والغسل وغيرها من الخدم لأن المعقود عليه من جهتها هو الاستمتاع، فلا يلزمها ما سواه (١). وإن سافرت المرأة بغير إذن الزوج سقط حقها من القسم والنفقة لأن القسم للأنس والنفقة للتمكين من الاستمتاع، وقد منعت ذلك بالسفر، وإن سافرت، بإذنه ففيه قولان أحدهما: لا يسقط حقها لأنها سافرت بإذنه فأشبه ما إذا سافرت معه، والثانى: يسقط لأن القسم للأنس والنفقة للتمكين من الاستمتاع، وقد عدم الجميع فسقط ما تعلق به كالثمن لما وجب في مقابلة البيع سقط بعدمه (٢). وإذا ظهرت من المرأة أمارات النشوز وعظها لقول الله عز وجل: "واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن (٣)، ولا يضربها لأنه يجوز أن يكون ما ظهر منها لضيق صدر من غير جهة الزوج. وإن تكرر منها النشوز فله أن يضربها لقول الله عز وجل: "واضربوهن" وإن نشزت مرة ففيه دولان أحدهما أنه يهجرها ولا يضربها لأن العقوبات تختلف باختلاف الجرائم ولهذا ما يستحق بالنشوز ولا يستحق بخوف النشوز، فكذلك ما يستحق بتكرر النشوز لا يستحق بنشوز مرة. والثانى وهو الصحيح: أنه يهجر ها ويضربها لأنه يجوز أن يهجرها للنشوز فجاز أن يضربها كما لو تكرر منها، فأما الوعظ فهو أن يخوفها بالله عز وجل وبما يلحقها من الضرر بسقوط نفقتها، وأما الهجران فهو أن يهجرها في الفراش لما روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال في قوله عز وجل "واهجروهن في المضاجع" قال لا تضاجعها في فراشك، وأما الهجران بالكلام فلا يجوز أكثر من ثلاثة أيام لما روى أبو هريرة رضى الله عنه أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. وأما الضرب فهو أن يضربها ضربا غير مبرح ويتجنب المواضع المخوفة والمواضع المستحسنة لما روى جابر رضى الله تعالى عنه أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بكتاب الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله وإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولأن القصد التأديب دون الإِتلاف والتشويه. وإن ظهرت من الرجل أمارات


(١) المهذب لأبى إسحاق الشيرازي حـ ٢ ص ٦٧ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق حـ ٢ ص ٦٧ نفس الطبعة.
(٣) الآية رقم ٢٤ من سورة النساء.