للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسها. وأفتى ابن رشيق فقيه المرية رضى الله تعالى عنه بحلفها، وزاد فيه أن زوجيتها لا تنقطع، قال ابن سهل رحمه الله تعالى: زيادة هذا في يمينها لا أعلمه لغيره وقول ابن القطان لا يمين عليها ولا على أبيها لا وجه له، وقد تقرر من قول ابن القاسم وغيره أن السفيه يحلف في حقه. قال ابن الحاجب رضى الله تعالى عنه: حكم الغائب ولا مال له حاضر حكم العاجز، قال ابن عبد السلام: يعنى أن الغائب البعيد الغيبة وليس له مال أوله ولا يمكنها الوصول إليه إلا بمشقة حكمه حكم الحاضر العاجز (١). ولو أن رجلا غاب عن زوجته فقامت المرأة وادعت أنه لم يترك لها زوجها شيئا ورفعت أمرها إلى السلطان وأرادت الفراق إذ لم يترك لها زوجها نفقة ثم إن رجلا من أقارب الزوج أو أجنبيا عنه قال لها أنا أؤدى عنه النفقة ولا سبيل لك إلى فراقه. قال ابن الكاتب رحمه الله تعالى: لها أن تفارق لأن الفراق قد وجب لها، وقال أبو بكر بن عبد الرحمن رحمه الله تعالى: لا مقال لها لأن عدم النفقة الذي أوجب لها القيام قد انتفى، قال الحطاب: وقد أشار ابن المناصف رحمه الله تعالى إلى هذا فقال ما حاصله قيام الزوجة في غيبة زوجها على وجهين أحدهما: لترجع بما تنفق عليه وفائدته قبول قولها من حين الدفع. الوجه الثاني: لتطلق نفسها لعدم الإِنفاق فإذا أثبت الزوجية والمغيب ولم يترك لها شيئا ولم يخلف ما يعدى فيه ولم يتطوع بالنفقة عنه ودعت إلى الطلاق إلى آخره فظاهره أن التطوع بإجراء النفقة يسقط مقالها كقول ابن عبد الرحمن وهو الذي تقتضيه المدونة (٢). وجاء في رسم شهر من سماع عيسى: أنه إن كان الزوج معروف العدم فلا يفرض لها السلطان إذ لا يجب على المعدم لامرأته نفقة ويفرق السلطان بينهما بعد التلوم، وإن أحبت الصبر عليه كتب لها كتابا بذلك اليوم من ذلك الشهر أنها قامت عنده عليه طالبة لنفقتها، فإن قدم وعلم أنه كان له مال كان القول قولها أنها أنفقت على نفسها من ذلك اليوم إن ادعى أنه خلف عندها أو بعث إليها، وأما إذا كان مجهول الحال لا يعرف ملؤه في غيبته من عدمه فقال في المدونة إن السلطان لا يفرض لها نفقة على زوجها في مغيبه حتى يقدم، فإن كان موسرا فرض عليه نفقة مثله لمثلها، وقال ابن حبيب رحمه الله تعالى في الواضحة: إنها إن أحبت الصبر عليه أشهد لها السلطان إن كان فلان زوج فلانة اليوم مليا في غيبته وجب عليه لامرأته فريضة مثلها من مثله. وإن أحبت المرأة أن تفرض لها النفقة إذا لم يكن له مال حاضر فقال ابن القاسم رحمه الله تعالى: لا يفرض عليه شئ حتى يقدم إذا علم عدمه أو جهل أمره، وفى البيان عن ابن حبيب رضى الله تعالى عنه إذا أحبت الصبر عليه أشهد السلطان عليه إن كان فإن زوج فلانة اليوم مليا في غيبته فقد أوجبت عليه فريضة مثلها من مثله، أما إن علم أنه موسر فإنه يفرض لها نفقة مثلها، قال في الموازية، وتداين علمه ويقضى


(١) مواهب الجليل لشرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل لأبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربى الرعينى المعروف بالحطاب جـ ٤ ص ١٩٦ في كتاب على هامشه التاج والإكليل لمختصر خليل لأبى عبد الله سيدى محمد بن يوسف بن أبى القاسم العبدرى الشهير بالمواق الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٩ هـ.
(٢) المرجع السابق جـ ٤ ص ١٩٩، ص ٢٠٠ نفس الطبعة.