للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحصيل الثمن كالإِفلاس به، والقول الثاني المقابل للأصح: ليس له الفسخ بل يباع المبيع ويؤدى حقه من الثمن كسائر الديون، فإن صبر البائع إلى إحضار المال فالحجر يضرب على المشترى كما ذكرنا في المبيع وفى جميع أمواله حتى يسلم الثمن. وللبائع أن يحبس مبيعه حتى يقبض ثمنه كله الحال أصالة إن خاف فوته بلا خوف، وكذا للمشترى حبس الثمن المذكور إن خاف فوت المبيع بلا خوف، وإنما الأقوال السابقة إذا لم يخف البائع فوت الثمن وكذا لم يخف المشترى فوت المبيع وتنازعا في مجرد الابتداء بالتسليم لأن الإجبار عند خوف الفوت بالهرب أو تمليك المال أو نحو ذلك فيه ضرر ظاهر أما الثمن المؤجل فليس للبائع حبس المبيع به وإن حل قبل التسليم كما مر لرضاه بتأخير (١). وجاء في المهذب أنه لو باع رجل من رجل عينا فأحضر المشترى نصف الثمن ففيه وجهان أحدهما لا يجبر البائع علي تسليم شئ من المبيع لأنه محبوس بدين فلا سلم شئ منه بحضور بعض الدين كالرهن، والثانى أنه يجبر على تسليم نصف المبيع لأن كل واحد منهما عوض عن الآخر وكل جزء من المبيع في مقابلة جزء من الثمن، فإذا سلم بعض الثمن وجب تسليم ما في مقابلته ويخالف الرهن في الدين، فإن الرهن ليس بعوض من الدين: إنما هو وثيقة به فجاز له حبسه إلى أن يستوفى جميع دينه، وإن باع من اثنين عبدا بثمن أحدهما نصف الثمن وجب تسليم حصته إليه لأنه أحضر جميع ما عليه من الثمن فوجب تسليم ما في مقابلته من المبيع كما لو اشترى عينا وأحضر ثمنها (٢) قال صاحب مغنى المحتاج: والمبيع قبل قبضه من ضمان البائع، بمعنى انفساخ البيع بتلفه وثبوت الخيار بتعييبه وبإتلاف الأجنبى له لبقاء سلطنته عليه، سواء أعرضه على المشترى فلم يقبله أم لا، نعم إن وضعه بين يديه عند امتناعه برئ في الأصح كما في الروضة وأصلها، لكن لو خرج مستحقا ولم يقبضه المشترى لم يكن للمستحق مطالبته، وكذا لو باعه قبل نقله فنقله المشترى الثاني فليس للمستحق مطالبة المشترى الأول، قال الإمام: وإنما يكون الوضع بين يدى المشترى قبضا في الصحيح دون الفاسد، وكذا تخلية الدار ونحوها إنما تكون قبضا في الصحيح دون الفاسد (٣). ولا يصح أن يستبدل عن المسلم فيه غير جنسه كالبر عن الشعير، وغير نوعه كالتمر البرنى عن المعتقلى؛ لأن الأول اعتياض عن المسلم فيه وهو ممتنع، والثانى يشبه الاعتياض عنه، وقيل يجوز أن يستبدل عن المسلم فيه غير نوعه لأن الجنس يجمعهما فكان كما لو اتحد النوع واختلفت الصفة، ولهذا يحرم التفاضل بينهما ويضم أحدهما إلى الآخر في الزكاة، ولكن لا يجب قبوله لاختلاف الأغراض باختلاف الأنواع، ويجوز إعطاء أردأ من المشروط لأنه من جنى حقه، ولكن لا يجب قبوله لأنه دون


(١) مغنى المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للشيخ محمد الشربينى الخطيب جـ ٢ ص ٧٢، ص ٧٣ في كتاب على هامشه متن المنهاج لأبى زكريا يحيى بن شرف النووى.
(٢) المهذب للإمام أبى إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز ابادي الشيرازي جـ ١ ص ٢٩٥، ص ١٩٦ في كتاب أسئلة النظم المستعذب في شرح غريب المهذب للعلامة محمد بن أحمد بن بطال الركبى طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى بمصر.
(٣) مغنى المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للشيخ محمد الشربينى الخطيب جـ ٢ ص ٦٣، ص ٦٤ الطبعة السابقة.