للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: لا أرى أن أنصب عنه وكيلا (١) وكذا لو كتب القاضي إلى القاضي كتابا في حادثة فلم يقدر القاضي المكتوب إليه على الخصم، فإن القاضي يوكل عنه على نحو ما قلنا كذا في التتارخانية. في نوادر هشام سألت محمدا رحمه الله تعالى ما تقول في سلطان الإِنسان قبله حق ولا يجيبه إلى القاضي فأخبرنى ان أبا يوسف رحمه الله تعالى كان يعمل بالإعداء وهو قول أهل البصرة، قال وصوره ذلك أن يبعث القاضي رسولا إليه من قبله ينادى على بابه أن القاضي يقول أجب خصمك، ينادى بذلك أياما، فإن أجاب وإلا جعل القاضي لذلك السلطان الذي أبى أن يجيب وكيلا فيخاصم هذا المدعى، فقلت له: فهل أنت تجعل له وكيلا؟ قال: نعم، فقلت: أفلا تكون قضيت على الغائب؛ فقال لا، وكان أبو حنيفة رضى الله تعالى عنه لا يعمل بالإِعداء كذا في الذخيرة.

وأما الهجوم على الخصم، وصورته أن يكون لرجل على رجل دين فتوارى المدين في منزله وتبين ذلك للقاضى فيبعث أمينين من أمنائه ومعهما جماعة من أعوان القاضي ومن النساء إلى منزله بغتة حتى يهجموا على منزله ويقف الأعوان بالباب وحول المنزل وعلى السطح حتى لا يمكنه الهرب ثم تدخل النساء المنزل من غير استئذان وحشمة فيأمرن حرم المطلوب حتى يدخلن في زاوية ثم يدخل أعوان القاضي ويفتشون الدار غرفها وما تحت السرر حتى إذا وجدوه أخرجوه، وإذا لم يجدوه يأمرن النساء حتى تفتش النساء فربما تزيا بزى النساء. فإذا طلب المدعى ذلك من القاضي هل يفعله القاضي؟ قال صاحب الأقضية: وسع فيه بعض أصحابنا رضى الله تعالى عنهم قالوا أراد به أبا يوسف رضى الله تعالى عنه، فقد روى عنه أنه كان يفعل ذلك في زمن قضائه، وقد روى هشام عن محمد رحمه الله تعالى مثل هذا أيضا وأصل ذلك ما روى عن عمر رضى الله تعالى عنه أنه هجم على بيت رجلين أحدهما قرشى والآخر ثقفى بلغه أن في بيتهما شرابا فوجد في بيت أحدهما دون الآخر، وعن هذا قال أصحابنا رضى الله تعالى عنهم: لا بأس بالهجوم على بيت المفسدين والدخول فيه من غير استئذان إذا سمع منه صوت فساد للأ مر بالمعروف والنهى عن المنكر، قال شمس الأئمة الحلوانى: ظاهر المذهب عندنا أنه لا يجوز الهجوم للقاضى كذا في المحيط (٢). وإن رأى القاضي أن يعطى المدعى طينة أو خاتما أو قطعة قرطاس لإِحضار الخصم جاز كذا في الذخيرة - وهذا في خارج المصر وفى المصر يبعث الأشخاص - وقال الخصاف رضى الله تعالى عنه على قلب هذا، كذا في الخلاصة، والقضاة في هذا مختلفون بعضهم اختار دفع طينة وبعضهم اختار قطعة قرطاس وبعضهم اختار دفع الخاتم، ولو أعطاه القاضي طينة أو خاتما وذهب به إلى الخصم وأراه ينبغى له أن يقول للخصم هذا خاتم القاضي فلان يدعوك أتعرفه، فإن قال نعم أعرفه، ولكن لا أحضر، أشهد المدعى على ذلك شاهدين حتى يشهدا عند القاضي بتمرده، فإذا شهدا بذلك بعث القاضي من يحضره أو يستعين في ذلك بالوالى واختلف العلماء في


(١) الفتاوى الهندية المسماة بالفتاوى العالمكرية جـ ٣ ص ٣٣٤ وما بعدها إلى ص ٣٣٦ في كتاب على هامشه فتاوى فاضيخان للإمام فخر الدين حسن بن منصور الأوزجندى الفرغانى الطبعة الثانية طبع المطبعة الكبرى الاميرية بمصر سنة ١٣١٠ هـ.
(٢) المرجع السابق جـ ٣ ص ٣٣٧ نفس الطبعة.