للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول امتنع تعليقه بالشرط في قوله: إن دخلت الدار" لأن تعليق وجود ما وجد على وجود ما لم يوجد محال. وإن كان الثاني وجب أن يعد كاذبا وأن لا يقع الطلاق عليه وهو خلاف الإجماع.

وإن قدر أنه إخبار عن المستقبل مع الإحالة أيضا أن لا يقع به الطلاق كما لو صرح بذلك وقال لها ستصيرين طالقًا في المستقبل فإنه لا يقع به الطلاق مع أنه صريح إخبار عن وقوع الطلاق في المستقبل. فما ليس بصريح أولى. وإذا بطل كونه إخبارًا تعين أن يكون إنشاء إذ الإجماع منعقد على امتناع الخلو منها فإذا بطل أحدهما تعين الآخر. (١)

ومهما يكن فإن معنى صيغة الشئ اللفظ الذي يستعمل للدلالة عليه. والألفاظ التي تستعمل للدلالة على الأمر لا تعدو خمسة أشياء: صيغة افعل؛ والمضارع المقترن بلام الأمر واسم فعل الأمر. والمصادر الدالة على الطلب. والجملة الخبرية. كما ورد في كتب الأصول والنحو والأصوليون لا يخرجون في استمداد ذلك عن كتب النحو واللغة.

ويقول الإسنوى (٢) في شرح المنهاج:

"إن البيضاوى شرع في ذكر صيغة الأمر وفى أفعل ويقوم مقامها اسم الفعل والمضارع المقترن باللام".

وكذلك قال ابن السبكى في شرحه له: (٣)

"إن المراد بقوله. افعل ما يكون مشتقا من مصدر على طريقة اشتقاق افعل من الفعل".

ويقول الغزى في التعليق على ذلك: (٤)

"إن أسماء الأفعال الدالة على الطلب ملحقة بالأمر عند الأصوليين وإن المراد بقوله "على طريقة اشتقاق افعل" نوع هذه الطريقة وهى اشتقاق الأمر من المصدر مطلقًا فيتناول أمر المزيدات وأمر الغائب .. ثم يقول: "إن الحق ما جاء في إيضاح المفصل من أن افعل علم جنس لكل ما يدل على الطلب من لغة العرب". (٥)

وخير تعليق في هذا المقام ما ذكره مثلًا خسرو إذ يقول: "إنه لم يرد بالطريقة خصوص هذه الطريقة لفساده بل نوع هذه الطريقة وهو طريقة اشتقاق الفعل من المصدر مطلقًا". (٦)

ويقول النحويون في كتبهم عند تقسيم الأفعال: إن علامة الأمر أن يقبل نون التوكيد مع دلالته على الأمر فإن دل على الأمر ولم يقبل النون فهو اسم فعل كنزال بمعنى انزل ودراك بمعنى أدرك. (٧)

وأما المضارع المقترن بلام الأمر فقد ذكره النحويون في جوازم الفعل المضارع فقالوا: إن من جوازم الفعل المضارع اللام الطلبية سواء كانت آمرًا إيجابيًا نحو: "لينفق ذو سعة من سعته" أو دعاء نحو {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}. (٨)


(١) المصدر السابق ص ٢٠٧.
(٢) نهاية السول ص ٢٥٤.
(٣) التلويح والتوضيح ص ٢، ص ٤٥.
(٤) المصدر السابق.
(٥) المصدر السابق.
(٦) المصدر السابق.
(٧) أوضح المسالك ص ٧، ٨ مطبعة السعادة سنة ١٩٤٩.
(٨) آية ٧٧ سورة الزخرف.