للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولدينا في السنة كثير من ذلك كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره" (١).

ويقول ابن الملك استدراكًا على من أراد أن يجعل تعريف الأمر شاملًا لكل الصيغ التي على طريقة افعل فقط إن هذا يخرج أمر الغائب عن التعريف .. ثم قال: "والأصوب أن يقال إن مراده من افعل ما يدل على طلب فعل ساكن الآخر" (٢).

ويقول الرهاوى: إن بعضهم يرى زيادة قيد آخر هو ما يقوم مقام افعل ليتدرج الأمر من غير العربية وسائر صيغ الأمر. (٣)

وأما اسم الفعل فإن النحويين يعرضون اسم الفعل مطلقًا بأنه ما ناب عن الفعل معنى واستعمالًا ويقسمونه ثلاثة أقسام كالفعل ويقولون إن وروده بمعنى الأمر كثير مثل صه ونزال. (٤)

ويقولون إن منه ما هو متقول من ظرف أو جار ومجرور نحو عليك بمعنى الزم ومنه قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} (٥) أي الزموا شأن أنفسكم ونحو دونك زيدًا بمعنى خذه ومكانك بمعنى اثبت وأمامك بمعنى تقدم ووراءك بمعنى تنح. ويكون منقولًا من مصدر سواء كان فعله مستعملًا نحو فضرب الرقاب أو كان فعله مهملًا نحو بل زيدًا فإنه في الأصل مصدر فعل مهمل مرادف لدع واترك.

وفى الكتاب والسنة أمثلة عديدة لأسم الفعل لا مجال لذكرها هنا.

ويقول الغزى في تعليقه على التوضيح: إن أسماء الأفعال الدالة على الطلب ملحقة بالأمر عند الأصوليين فلا يضر عدم دخولها في تعريف الأمر. (٦)

وأما المصدر الدال على الطلب فقد نص عليه النحويون في باب المفعول المطلق فقالوا إن المصدر يقوم مقام الفعل. قال ابن هشام: قد يقام المصدر مقام فعله فيمتنع ذكره معه ثم قسمه قسمين منهما ماله فعل ومن هذا النوع ما هو واقع في الطلب سواء كان دعاء نحو سقيا ورعيا أو أمرًا أو نهيًا نحو قيامًا لا قعودًا (٧) ومنه قوله تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ}. (٨)

ويقول الألوسى في الآية الكريمة إن ضرب على الآية منصوب على المصدر لفعل محذوف والأصل اضربوا الرقاب ضربًا. (٩)

وأما الخبر الدال على الأمر فقد نص عليه الأصوليون وعلماء البلاغة وهو مجاز في ذلك وقد تعرض له صدر الشريعة ابن مسعود وذكر نكتة التعبير به يدل صيغة افعل فقال: (١٠)

"إن إخبار الشارع آكد من الإنشاء في مثل هذا لأنه أدل على الوجود وإنما عدل عن الأمر إلى الإخبار لأن المخبر به إذا لم يوجد يلزم كذب الشارع والمأمور به إذا لم يوجد لا يلزم ذلك فإذا


(١) صحيح مسلم ص ٤٩ جـ ١ المطبعة المصرية.
(٢) المنار جـ ١ ص ١١٠.
(٣) المصدر السابق.
(٤) أوضح المسالك ص ١٩٥.
(٥) آية ١٠٥ سورة المائدة.
(٦) التلويح والتوضيح ص ٤٥ جـ ٢.
(٧) أوضح المسالك ص ٩٤.
(٨) آية ٤ سورة محمد.
(٩) روح المعانى ص ٣٩ جـ ١٦.
(١٠) التلويح والتوضيح ص ٤٤ جـ ٢.