للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما أجمل حجتهم بقوله: (١)

واحتج القائلون بالوقف بأنه لو ثبت تعيين الصيغة لمعنى من المعانى لثبت بدليل ولا دليل.

وبالرجوع إلى ما كتب وجدنا عبارته هكذا: (٢)

ذهب ابن سريج من أصحاب الشافعي إلى أن موجب الأمر أي الأثر الثابت به التوقف لأنه يستعمل في معان كثيرة بعضها حقيقة اتفاقًا وبعضها مجاز اتفاقًا فعند الإطلاق يكون محتملًا لمعان كثيرة والاحتمال يوجب التوقف إلى أن يتبين المراد فالتوقف عنده في تعيين المراد عند الاستعمال لا في تعيين الموضوع له لأنه عنده موضوع بالاشتراك اللفظى للوجوب والندب والإباحة والتهديد.

وذهب الغزالى وجماعة من المحققين إلى أن التوقف في تعيين الموضوع له أنه الوجوب فقط أو الندب فقط أو مشترك بينهما لفظًا.

ويعلق الفزى على قوله: إن الأمر عند الإطلاق يكون محتملًا لمعان كثيرة فيقول: (٣)

الظاهر أن ليس المراد من احتمال المعانى الكثيرة الاحتمال للمعانى الحقيقية والمجازية لرجحان الحقيقة على المجاز وتعينها عند عدم القرينة كتعينه عندها بل المراد احتمال المعانى الحقيقية ضرورة أنها متعددة أيضًا لأنه عنده موضوع بالاشتراك اللفظى.

وأما الإسنوى فيعلق على قول البيضاوى: "وقيل لأحدهما ولا نعرفه وهو قول حجة الإسلام الغزالى" فيقول: (٤)

السادس من أقوال الأصوليين أنها - الصيغة - حقيقة في أحدهما أي الوجوب أو الندب لكن لا يعرف هل هو حقيقة في الوجوب مجاز في الندب أو بالعكس ونقله المصنف - البيضاوى - عن حجة الإسلام الغزالى تبعًا لصاحب الحاصل. وليس كذلك فإن الغزالى نقل في المستصفى عن قوم أنه حقيقة في الوجوب فقط وعن قوم أنه حقيقة في الندب فقط وعن قوم أنه مشترك بينهما كلفظ العين. ثم نقل عن قوم التوقف بين هذه المذاهب. ونقله في المحصول عنه على الصواب وقال في المنخول: وظاهر الأمر الوجوب وما عداه فالصيغة مستعارة فيه. هذا لفظه وهو مخالف لكلامه في المستصفى.

وأما ابن الملك فيقول في تصويره لمذهب التوقف الوارد في كلام النسفى: (٥)

إن طائفة ذهبت إلى أن الأمر مشترك بين الثلاثة: الوجوب والندب والإباحة لأنه يستعمل في هذه المعانى من غير ترجيح أحدها، والأصل في الاستعمال الحقيقة فإذا صدر أمر لابد أن يتوقف فيه ما لم توجد قرينة تعين أحدها.

ويرى عزمى زادة في تعليقه على هذا التصوير أن الأمر يحتاج إلى بيان أكثر دقة فيقول:

قال أبو الحسن الأشعرى والقاضى الباقلانى والغزالى ومن تبعهم: لا ندرى أنها حقيقة في الوجوب فقط أو في الندب فقط أو فيهما معًا


(١) المصدر السابق ص ٩٦.
(٢) التلويح على التوضيح جـ ٢ ص ٥١.
(٣) المصدر السابق.
(٤) نهاية السول جـ ١ ص ٢٥٧، ٢٥٨.
(٥) شرح المنار ص ١٢٠.