للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما إن أمسكه وكتفه وألقاه في أرض غير كثيرة السباع أو الحيات فأكله سبع أو نهشته حية فمات فشبه عمد بالاتفاق فيضمنه بالدية على عاقلته والكفارة في ماله. لأنه فعل فعلا تلف به وهو لا يقتل مثله غالبًا.

وكذلك إن ألقاء مشدودًا في موضع لم يعهد وصول زيادة الماء إليه أو موضع تحتمل زيادة الماء وعدمها فيه فوصلت الزيادة ومات بها فشبه عمد، لما سبق ذكره.

وإن كان يعلم زيادة الماء في ذلك الوقت وألقاه مشدودًا فمات فهو عمد يوجب القصاص لأنه يقتل غالبًا.

وكذلك إن ألقاه في ماء يغرقه أو نار لا يمكنه التخلص منهما إما لكثرتهما أو لعجزه عن التخلص لمرض أو ضعف أو صغر أو كان مربوطًا ونحو هذا فمات فعمد يوجب القصاص، لأن الموت حصل بعد فعل يغلب على الظن إسناد القتل إليه فوجب كونه عمدًا.

وكذا لو حبسه في بيت وأوقد فيه نارًا وسد المنافذ التي للبيت حتى اشتد الدخان وضاق به النفس فمات فعمد أيضا يوجب القصاص.

ويجب القصاص أيضا إن حبسه ومنعه الطعام والشراب أو أحدهما أو منعه الدفء في الشتاء ولياليه الباردة حتى مات جوعًا أو عطشًا أو بردًا في مدة يموت في مثلها غاليًا بشرط أن يتعذر عليه الطلب؛ لأن الله تعالى أجرى العادة بالموت عند ذلك فإذا تعمده الإنسان فقد تعمد القتل. فإن لم يتعذر على المحبوس الطلب وتركه حتى مات فهدر؛ لأنه المهلك لنفسه. وإن كان حبسه مع منعه الطعام والشراب في مدة لا يموت فيها غالبا فهو عمد الخطأ لا يوجب القصاص وتختلف المدة التي يموت فيها غالبا باختلاف الناس والزمان والأحوال. وفى حالة الشك في كون المدة يموت فيها غالبا أم لا لم يجب القصاص، لعدم تحقق موجبه. (١)

وإن حبس صغيرًا حرًا عن أهله فنهشته حية أو أصابته صاعقة ففيه الدية؛ لأنه تلف في يده العادية. وإن كان قَنًا ففيه القيمة.

وإن قيد حرا مكلفا وغله حتى مات بصاعقة أو حية وجبت الدية. كما تقدم في الصغير (٢).

وإن أمسك مقاتل مسلم في أثناء الحرب كافرًا محاربًا أو عانقه حتى جاء مسلم آخر فقتله فالسلب للقاتل فقط. لأنه هو الذي المسلمين شره فأشبه ما لو لم يعانقه الآخر (٣).

وإمساك الحيّة محرم وجناية توجب التعزير


(١) المرجع السابق ص ٢٣٥.
(٢) المرجع السابق ح ٤ ص ٤.
(٣) المغني والشرح الكبير السابق جـ ١٠ ص ٣٢٣ الطبعة السابقة.