للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمن يمسكها. لأنه إلقاء بالنفس إلى الهلاك، وقال تعالى: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" (١).

ولو قتلت الحية ممسكها من مدعى المشيخة ونحوه فهو قاتل نفسه، لأنه فعل بها ما يقتل غالبا. (٢)

وكذلك يحرم إمساك الحمام لمن يلعب به بتطييره أو ليصيد به حمام غيره أو يراهن به، وترد شهادته بذلك. لأنه سفه ودناءه وقلة مروءة، ويتضمن أذى الجيران بطيره وإشرافه على دورهم ورميه إياهم بالحجارة، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يتبع حمامًا فقال: "شيطان يتبع شيطانة". رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.

كما يكره إمساك طير وحبسه لنغمته، لأنه نوع تعذيب له. وقال مهنا؛ سألت أبا عبد الله عن بروج الحمام التي تكون بالشام فكرهها.

أما إن اتخذ الحمام لطلب فراخها أو لحمل الكتب أو للأنس بصوتها من غير أذى يتعدى إلى الناس فيباح له ذلك ولا ترد شهادته به. وقد روى عبادة بن الصامت أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فشكى إليه الوحشة فقال: "اتخذ زوجا من الحمام". (٣)

ولا يربط المحدود حال إقامة الحد عليه ولا تشديده ولا يمسك. لقول ابن مسعود: "ليس في ديننا قد ولا قيد ولا تجريد". وهذا إذا كان المحدود رجلا. أما إذا كان امرأة فتمسك يداها وتشد عليها ثيابها، لأن المرأة عورة وهذا أستر لها لئلا تنكشف. (٤)

وإمساك مال الشخص الذي وجب عليه التعزير أو أخذه أو إتلافه عليه لا يجوز لأن الشرع لم يرد بشيء من ذلك عن أحد يقتدى به، ولأن الواجب بالتعزيز أدب والأدب لا يكون بالإتلاف. (٥)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "التعزير بالمال سائغ إتلافا وأخذا، وهو جاز على أصل أحمد لأنه لم يختلف أصحابه أن العقوبات في الأموال غير منسوخة كلها. وقول الشيخ أبي محمد المقدسى لا يجوز أخذ مال المعزر فإشارة منه إلى ما يفعله الولاة الظلمة". (٦)

"وقد استدل ابن تيمية على جواز ذلك في


(١) الآية رقم ١٩٥ من سورة البقرة.
(٢) كشاف القناع وشرح المنتهى بهامشه جـ ٣ ص ٣٣٩ ج ٧٦ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق جـ ٤ ص ٢٥٦ - ٢٥٧، ٣٢٤ نيل الأوطار للشوكانى جـ ٨ ص ٩٢ الطبعة السابقة المغني والشرح الكبير جـ ١٢ ص ٣٧.
(٤) كشاف القناع السابق جـ ٤ ص ٩٤، ١١٠.
(٥) المرجع السابق جـ ٤ ص ٧٤
(٦) الاختيارات العلمية بنهاية الفتاوى لابن تيمية جـ ٤ ص ١٧٨ الطبعة الأولى بمطبعة كردستان العلمية بمصر ١٣٢٩.