للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا ضمان مطلقا، لأن الإمساك لم يكن منجيا له من الغرق. (١)

ومن حبس شخصا حتى مات جوعا أو عطشا أو بردا أو حرا فإنه يجب عليه القصاص لأنه قاتل عمدا عدوانا وإن لم يكن القتل بفعله.

والفرق بين هذا وما سبق أن في الأول قد وجد من يتعلق به الضمان بالمباشرة وهو القاتل. ولا شيء على المسبب مع وجود المباشر. وأما هنا فإنه لم يوجد من يتعلق به الضمان إلا المسبب وهو الحابس.

ومن ربط غيره بين يدى سبع فقتله السبع أو في أرض مسبعة فقتلته السباع فلا قصاص عليه، لأن من طبع السبع النفور عن الإنسان فأكله له حينئذ باختياره فهو مباشر كالقاتل مع الممسك. ولا دية عليه أيضا في هذه الحالة.

وقيل: يضمن الدية؛ إِذْ لم يوجد من يتعلق به الضمان.

أما إذا ربطه وجمع بينه وبين السبع في موضع ضيق فإنه يلزمه القصاص. لأنه ألجأ السبع إليه.

هذا في السبع. أما الحيَّة ونحوها فلا قصاص على من ربط غيره بين يديها أو في أرض تكثر بها أو جمع بينه وبينها في مضيق فقتلته، لأن الحية لا تشجع في مضيق بخلاف السبع. (٢)

ولو ضم شخص صبيًا ضمًا غير معتاد فمات فهو مباشر لقتله غير مسبب فيجب القصاص عليه أو الدية إن عفا عنه، وذلك حيث قصد القتل أو لم يقصد القتل أو لم يقصده لكن مثله يقتل في العادة. وأما إذا ضمه ضمًا معتادًا فهلك الصبى فهى جناية خطأ مضمونة. (٣)

وكذلك يضمن الصبى إذا أعطاه شخص شيئًا كسكين أو نار فجنى على نفسه. (٤)

وإن أمسك شخص بدابة وجنت جناية برأسها أو فمها فعلى الممسك ضمان ذلك (٥)

ويجب على متولى الحفظ -أي الممسك- للحيوان من مالك أو مستأجر أو مستعير أو مرتهن لزمه الحفظ ضمان جناية غير الكلب ليلًا لا نهارًا. فإذا جنى الحيوان في الليل سواء كان عقورًا أم ضمن متولى الحفظ حيث فرط، لأن الحفظ في الليل واجب عليه حيث جرى العرف بحفظها في الليل وإرسالها في النهار، فإن جرت العادة بعكس ذلك انعكس الحكم.

ولا شيء من الضمان إذا جرت العادة بعدم


(١) شرح الأزهار جـ ٤ ص ٤١٩ التاج المذهب السابق جـ ٤ ص ٢٩٩.
(٢) شرح الأزهار السابق جـ ٤ ص ٤١٠ الطبعة السابقة. البحر الزخار السابق جـ ٥ ص ٢٢٩ الطبعة السابقة.
(٣) شرح الأزهار السابق جـ ٤ ص ٤٢٥ الطبعة السابقة، التاج المذهب. السابق جـ ٤ ص ٣٠٦ الطبعة السابقة.
(٤) شرح الأزهار السابق جـ ٤ ص ٤٢٤ الطبعة السابقة
(٥) المرجع السابق جـ ٤ ص ٤٢٧ الطبعة السابقة