للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا أمسك المحرم الصيد استخلاصًا له من فم هرة أو سبع فتلف في يده فوجهان:

أصحهما لا ضمان عليه. إذ ما على المحسنين من سبيل.

قال في البحر الزخار: إلا أن يكون قد تمكن من إرساله على وجه يسلم به ولم يفعل ثم مات فإنه يلزمه الجزاء.

وإذا أمسك المحرم صيدًا وحمله إلى بلده لزمه رده ورد ما أخذه معه من أولاد وبيض إلى موضعه الذي أخذه فيه. سواء كان في الحرم أو في الحلّ، وإذا مات شيء من الأولاد لزمه الجزاء ولو كان الموت بعد إحلال المحرم من إحرامه. (١)

ومن أمسك صيدًا وحبسه في الحل فمات فرخه في الحرم ضمن الممسك الفرخ.

وفى عكس ذلك يضمنهما جميعًا إن كان مُحرمًا وإلا سقط ضمان الذي في الحلّ ولو أخذ الحلال الصيد من ممسكه المحرم فأرسله فلا شيء عليهما سوى التصديق بطعام ولو قتل الحلال ما أمسكه المحرم ضمنه المحرم، لأن قتله محرّم فقرار الضمان عليه إذ هو مباشر والممسك ذو سبب.

قال صاحب البحر الزخار: وقياس المذهب تضمنهما جميعًا (٢).

وبناء على أنه لا يجوز للمحرم إمساك الصيد بعد الإحرام فإنه يخرج عن ملكه إن كان ممسكًا له قبل الإحرم؛ سواء كان في يده أم في بيته ويجب عليه إرساله فإن تلف في يده أو في بيته بعد التمكن من إرساله لزمه الجزاء.

والصيد يخرج عن ملك ممسكه المحرم حال إحرامه فقط فإذا حل من إحرامه رجع في ملكه فلو أمسكه غيره أو أخذه آخذ غير محرم قبل أن يحلّ مالكه الأول من إحرامه جاز ذلك. فإن حل مالكه الأول من إحرامه قبل أن يتلفه الآخذ له رجع إلى ملكه، لأن له فيه حقًّا يعيده في ملكه. وإن أتلفه الآخذ قبل إحلال الأول فلا ضمان عليه. (٣)

وكما لا يجوز إمساك الصيد في حرم مكه لا يجوز في حرم المدينة والاستفهام في حديث "يا أبا عمير ما فعل النُغيْر" (٤) ليس بتقرير لجواز إمساك الصيد في حرم المدينة. (٥)

هذا بالنسبة لإمساك الصيد في الحرم وللمحرم.

أما بالنسبة لإمساك الصيد بواسطة الجوارح المعلمة فإنه يحرم ما أمسكه الجارح على نفسه ويعرف ذلك بقرائن من أقواها الأكل من مصيده. وذلك قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} فظاهره يدل على أنه إذا أكل فقد أمسك على نفسه.


(١) شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار فى فقة الأئمة الأطهار جـ ٢ ص ٩٢ - ٩٥، ٩٨ - ٩٩ الطبعة الثانية بمطبعة حجازى ١٣٥٨ هـ.
(٢) البحر الزخار الجامع لمذهب علماء الأمصار للمرتضى جـ ٢ ص ٣١٣ - ٣١٤ طبع مطبعة السعادة بمصر، طبعة أولى ١٣٦٦ هـ.
(٣) شرح الأزهار السابق ص ١٠٠، الطبعة السابقة.
(٤) سبق تخريج هذا في مذهب الحنابلة من هذا البحث.
(٥) البحر الزخار السابق ٣١٦، ٣١٩ الطبعة السابقة.