للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكون عَشَرة إلَّا حَبَّة، فإن حلف على نفى العشرة واقتصر في حلفه عليه فيعتبر ناكلا عما دون العشرة، فيحلف المدعى عَلى استحقاق دون العشرة بجزء، وإن قلَّ ويأخذه أي ما دون العشرة وإن لم يجدد دعوى. هذا إذا لم يسْند المدعى إلى عقد، فإن أسنده إلى عقد كأن ادعت امرأة نكاحا بخمسين كفاه نفى العقد بها والحلف عليه، فإن نكل لم تحلف هي على البعض إلا بدعوى جديدة لا تناقض ما داعته، وإن ادعى دارًا بيد غيره فأنكرها فلابد أن يقول في حَلِفِهِ: ليست لك ولا شئ منها، ولو ادعى أنه باعه إياها كفاه أن يحلف أنه لم يبعها، ولو ادعى عليه مالا فأنكر وطلب منه اليمن فقال: لا أحلف وأعطى المال لا يجب على المدعى قبوله من غير إقرار وله تحليفه؛ لأنه لا يأمن من أن يدعى عليه بما دفعه بعد هذا (١).

وكذا لو نكل عن اليمين وأراد المدعى أن يحلف يمين الرد فقال المدعى عليه: أنا أبذل المال له بلا يمين فللمدعى عليه أن يحلف ويقول له الحاكم: إما أن تقر بالحق أو يحلف المدعى بعد نكولك، قاله البغوي والمروزى وغيرهما، وإن ادعى مالا مضافا إلى سبب كأقرضتك كفاه في الجواب عن هذه الدعوى: لا تستحق أنت على شيئًا، أو لا يلزمنى تسليم شئ إليك، وإن ادعى عليه شفعة كفاه في الجواب أن يقول: لا تستحق أنت على شيئًا، أو لا تستحق عليّ تسليم الشفعة، ونازع البلقينى في جواب دعوى الشفعة وقال: أكثر الناس لا يعدون الشفعة مستحقة على المشترى؛ لأنها ليست في ذمته فلا يتعلق به ضمانها كالغصب وغيره، فالجواب المعتبر هو أن يقول: لا شفعة لك عندى، وإذا ادعت امرأة على زوجها أنه طلقها كفاه في الجواب: أنت زوجتى، واستثنى بعضهم من ذلك ما لو ادعى عليه وديعة فلا يكفى في الجواب أن يقول: لا يلزمنى التسليم إذ لا يلزمه تسليم، وإنما يلزمه التخلية فالجواب الصحيح أن ينكر الإيداع أو يقول: لا تستحق على شيئًا أو يقول: هلكت الوديعة أورددتها، ويحلف المدعى عليه على حسب جوابه هذا، أو على نفى السبب ولا يكلف التعرض لنفيه، فإن تبرع وأجاب بنفى السبب المذكور كقوله في صورة القرض السابقة: ما أقرضتنى كذا حلف على نفى السبب، كذلك ليطابق اليمين الإنكار، وقيل له: الحلف بالنفى المطلق كما لو أجاب به، الأول راعى مطابقة اليمين للجواب، ولو حلف على نفى السبب بعد الجواب المطلق جاز كما نقلاه عن البغوي وأقراه، ولو كان بيده مرهون أو مكرى وادعاه كلٌّ من مالكه أو نائبه كفاه في الجواب أن يقول: لا يلزمنى تسليمه إليك، ولا يجب التعرض للملك فلو اعترف بالملك للمدعى، ولكن ادعى بعده الرهن والإجارة وكذبه المدعى فالصحيح أنه لا يقبل منه ذلك إلا ببينة؛ لأن الأصل عدم ما ادعاه، والثانى يقبل قوله بدونها؛ لأن اليد تصدقه في ذلك (٢).

كل من وجبت عليه يمين بأن الزم بها في دعوى صحيحة لو أقر بمطلوبها لزمه ذلك المطلوب فأنكر خُلِّفَ لخبر "البينة على المدعى


(١) مغنى المحتاج: ٤/ ٤٣٢.
(٢) المرجع السابق: ٤/ ٤٣٢.