للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن قتل المحرم الصيد (١) عامدا لقتله ذاكرا لإحرامه أو لأنه فى الحرم فهو عاص لله تعالى وحجه باطل وعمرته كذلك للآية السابقة، وهو قول الله عز وجل «لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ.}. الآية».

فلو أمر محرم حلالا (٢) بالتصيد فإن كان ممن يطيعه ويأتمر له، فالمحرم هو القاتل للصيد فهو حرام ولو اشترك حلال ومحرم فى قتل صيد كان ميتة لا يحل أكله، لأنه لم تصح فيه الذكاة خالصة، ولا يحل لأحد (٣) قطع شئ من شجر الحرم بمكة والمدينة ولا شوكة فما فوقها ولا من حشيشه حاشا الأذخر، برهان ذلك ما روى عن ابن عباس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: إن هذا البلد حرمه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة، وأنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلى ولم يحل لى إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة لا يعضد شجره ولا ينفر صيده ولا يلتقط‍ لقطته إلا من عرفها ولا يختلى خلاها.

قال العباس رضى الله عنه: يا رسول الله إلا الأذخر فإنه لقينهم (٤) ولبيوتهم.

فقال: إلا الاذخر.

ويجوز للمحرم (٥) أن يلتحف بما شاء من كساء أو ملحفة أو رداء، ويتزر ويكشف رأسه ويلبس نعليه فإن كان امرأة فلتلبس ما شاءت من كل ما ذكرنا أنه لا يلبسه الرجل، وتغطى رأسها، لكن إما أن تكشف وجهها وإما أن تسدل عليه ثوبا من فوق رأسها فذلك لها إن شاءت، ولها أن تلبس الخفاف والمعصفر فإن لم يجد الرجل إزارا فليلبس السراويل كما هى، وأن لم يجد نعلين فليقطع خفيه تحت الكعبين ولا بد، ويلبسهما كذلك.

ولا بأس أن يغطى الرجل وجهه بما هو ملتحف به أو بغير ذلك، ولا كراهة فى ذلك، ولا بأس أن تسدل المرأة الثوب من على رأسها على وجهها.

أما المرأة فلأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما نهاها عن النقاب، ولا يسمى السدل نقابا، فإن كان البرقع يسمى نقابا لم يحل لها لباسه (٦) لحديث ابن عمر رضى الله عنه السابق «ما يلبس المحرم .. إلخ».

ويجوز للمحرم الجدال فى واجب وحق فى الإحرام (٧) قال الله عز وجل «اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» (٨).


(١) المحلى لابن حزم ج‍ ٧ ص ٢١٤ مسألة رقم ٨٧٦ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٧ ص ٢٥٤ مسألة رقم ٨٩٣.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٧ ص ٢٦٠، ٢٦١ مسألة رقم ٨٩٧ الطبعة السابقة.
(٤) القيون جمع قين وهو الحداد والصانع الذى يعمل بالكير - لسان العرب لابن منظور ج‍ ٥٦ ص ٣٥٠ ص ٣٥١ طبع بيروت.
(٥) المحلى لابن حزم ج‍ ٧ ص ٧٨، ٧٩ مسألة رقم ٨٢٣ الطبعة السابقة.
(٦) المحلى لابن حزم الظاهرى ج‍ ٧ ص ٩١ مسألة رقم ٨٢٨ الطبعة السابقة.
(٧) المرجع السابق ج‍ ٧ ص ١٩٦، ١٩٧ مسألة رقم ٨٦٥ مسألة رقم ٨٦٧ الطبعة السابقة.
(٨) سورة النحل: ١٢٥.