وروى قبيصة بن جابر الأسدى قال:
أصبت ظبيا وأنا محرم فأتيت عمر رضى الله عنه ومعى صاحب لى فذكرت له، فأقبل على رجل الى جنبه فشاوره، فقال لى:
اذبح شاة. واذا وجب عليه المثل فهو بالخيار بين أن يذبح المثل ويفرقه وبين أن يقومه بالدراهم، والدراهم طعاما ويتصدق به وبين أن يصوم عن كل مد يوما لقول الله عز وجل «هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ، أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً».
وان جرح صيدا له مثل فنقص عشر قيمته، فالمنصوص أنه يجب عليه عشر ثمن المثل، وان ضرب صيدا حاملا فأسقطت ولدا حيا ثم ماتا ضمن الأم بمثلها وضمن الولد بمثله، وان ضربها فأسقطت جنينا ميتا والأم حية ضمن ما بين قيمتها حاملا وحائلا ولا يضمن الجنين (١).
وان كان الصيد لا مثل له من النعم وجب عليه قيمته فى الموضع الذى أتلفه فيه لما روى أن مروان سأل ابن عباس رضى الله عنه عن الصيد يصيده المحرم ولا مثل له من النعم.
قال ابن عباس: ثمنه يهدى الى مكة، ولأنه تعذر ايجاب المثل فيه فضمن بالقيمة كمال الأدمى، وان كان الصيد طائرا نظرت فان كان حماما، وهو الذى يعب ويهدر كالذى يقتنيه الناس فى البيوت، كالدبسى والقمرى، فانه يجب فيه شاة، لأنه روى ذلك عن عمر وعثمان ونافع بن عبد الحرث وابن عباس رضى الله عنهم.
وان كان أصغر من الحمام كالعصفور والبلبل والجراد ضمنه بالقيمة، لأنه لا مثل له فضمن بالقيمة.
وان كان أكبر من الحمام كالقطا واليعقوب والبط والأوز، ففيه قولان:
أحدهما: يجب فيه شاة لأنها اذا وجبت فى الحمام فلأن تجب فى هذا وهو أكبر منه أولى.
والثانى: أنه يجب فيها قيمتها لأنه لا مثل لها من النعم، فضمن بالقيمة، وان كسر بيض صيد ضمنه بالقيمة.
وان نتف ريش طائر ثم نبت ففيه وجهان:
أحدهما لا يضمن، والثانى يضمن، بناء على القولين فيمن قلع شيئا ثم نبت، وان قتل صيدا بعد صيد وجب لكل واحد منهما جزاء لأنه ضمان متلف فيتكرر بتكرر الاتلاف.
وان اشترك جماعة من المحرمين فى قتل صيد وجب عليهم جزاء واحد، واذا اشترك محل ومحرم فى قتل صيد وجب على المحرم نصف الجزاء ولم يجب على المحل شئ، كما لو اشترك رجل وسبع فى قتل آدمى.
وان أمسك محرم صيدا فقتله حلال (أى محل) ضمنه المحرم بالجزاء ثم يرجع به على القاتل لأن القاتل أدخله فى الضمان فرجع عليه، كما لو غصب مالا من رجل فأتلفه آخر فى يده.
(١) المهذب ج ١ ص ٢١٥، ٢١٦، ٢١٧ الطبعة السابقة.