للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن حك شعره فانتثر منه شعرة لزمته الفدية (١).

وان وطئ فى العمرة أو فى الحج قبل التحلل الأول فقد فسد نسكه ويجب عليه أن يمضى فى فاسده ثم يقضى، لما روى عن عمر وعلى وابن عمر وابن عباس وعبد الله ابن عمرو بن العاص، وأبى هريرة رضى الله عنهم أنهم أوجبوا ذلك.

ويجب عليه بدنة لما روى عن على كرم الله وجهه قال: على كل واحد منهما بدنة، فان لم يجد فبقرة، لأن البقرة كالبدنة لأنها تجزئ فى الأضحية عن سبعة، فان لم يجد لزمه سبع من الغنم، فان لم يجد قوم البدنة دراهم والدراهم طعاما، فان لم يجد الطعام صام عن كل مد يوما.

وقال أبو اسحاق فيه قول آخر أنه مخير بين هذه الثلاثة قياسا على فدية الأذى، وان كان المحرم صبيا فوطئ عامدا بنيت على القولين، فان قلنا ان عمده خطأ فهو كالناسى، وقد بيناه، فان قلنا ان عمده عمد فسد نسكه ووجبت الكفارة، وعلى من تجب فيه قولان:

أحدهما: فى ماله، والثانى: على الولى.

وان وطئ وهو قارن وجب مع البدنة دم القران لأنه دم وجب بغير الوط‍ ء فلا يسقط‍ بالوط‍ ء كدم الطيب، وان وطئ ثم وطئ ولم يكفر عن الأول، ففيه قولان:

قال فى القديم: يجب عليه بدنة واحدة، كما لو زنى ثم زنى كفاه لهما حد واحد.

وقال فى الجديد: يجب عليه للثانى كفارة أخرى، وفى الكفارة الثانية قولان:

أحدهما: شاة لأنها مباشرة لا توجب الفساد فوجبت فيها شاة، كالقبلة بشهوة والثانى: يلزمه بدنة لأنه وط‍ ء فى احرام منعقد، فأشبه الوط‍ ء فى احرام صحيح.

وان قبلها بشهوة أو باشرها فيما دون الفرج بشهوة لم يفسد حجه لأنها مباشرة لا توجب الحد فلم تفسد الحج كالمباشرة بغير شهوة، ويجب عليه فدية الأذى لأنه استمتاع لا يفسد الحج فكانت كفارته ككفارة فدية الأذى.

والطيب والاستمناء كالمباشرة فيما دون الفرج لأنه بمنزلتها فى التحريم والتعزير، فكان بمنزلتها فى الكفارة.

وان قتل صيدا نظرت فان كان له مثل من النعم وجب عليه مثله من النعم (والنعم هى الابل والبقر والغنم).

والدليل عليه قول الله عز وجل: «وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ.}. الآية (٢)».

وما ورد فيه تقدير المثل عن الصحابة لا يحتاج الى اجتهاد، وما لم تحكم فيه الصحابة يرجع فى معرفة المماثلة بينه وبين النعم الى عدلين من أهل المعرفة لقول الله تعالى: «يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً.}.

الآية».


(١) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٢١٣، ٢١٤.
(٢) سورة المائدة: ٩٥.