للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتميز به عادة من الصفات المانعة (١) من الاشتراك.

الثانى: أن يكون مما يحتمل الثبوت: بأن يكون غير مستحيل عقلا أو عادة أو غير مكذب فيه وألا يكون مخالفا للظاهر، فدعوى شخص صغير السن على آخر كبير بأنه ابنه غير صحيحة وكذلك دعوى شخص على آخر معروف النسب بأنه ابنه غير صحيحة ومثل ذلك فى الحكم كل دعوى يكذبها الظاهر كدعوى رجل معروف بالفقر طيلة حياته أموالا عظيمة على آخر أقرضه اياها دفعة واحدة فمثل هذه الدعوى لا تسمع كما جزم به ابن الفرس فى الفواكه البدرية (٢) وجاء فى البحر أن من شروط‍ سماع الدعوى ألا يكذب المدعى ظاهر الحال وفى الدر على التنوير والتكملة فروع عديدة أسست على ذلك (٣) منها رجل خرج من دار انسان وعلى عنقه متاع وهو معروف ببيع مثله من المتاع فادعى صاحب الدار ذلك المتاع وادعاه الحامل له فهو للحامل له لأنه يعرف به، وفى البحر عن ابن الفرس: رجل ترك الدعوى ثلاثا وثلاثين سنة ولم يكن له مانع من الدعوى ثم ادعى لا تسمع دعواه لأن ترك الدعوى مع التمكن من رفعها يدل على عدم الحق ظاهرا وليس هذا قضاء بسقوط‍ الحق وانما هو قضاء بعدم سماعها كما نص على ذلك فى المبسوط‍ فان مضى الزمن ليس سببا لسقوط‍ الحقوق.

وعن الولواجية: رجل تصرف زمانا فى أرض وهناك آخر يرى هذا التصرف ولم يعارض فيه ولم يدع ومات على ذلك لم تسمع بعد ذلك دعوى ولده ملك الأرض ميراثا عنه فتترك فى يد المتصرف لأن الحال شاهد له والحاصل من النقول فى هذا الموضوع أن الدعوى بعد مضى ثلاثين سنة على قول أو ثلاث وثلاثين سنة على قول آخر لا تسمع اذا كان الترك بلا عذر من كون المدعى غائبا أو صبيا أو مجنونا وليس لهما ولى، أو المدعى عليه أميرا جائرا يخاف منه أو المدعى به أرض وقف ليس لها ناظر لأن تركها هذه المدة مع التمكن من الادعاء بها يدل على عدم الحق ظاهرا كما نقلنا عن المبسوط‍ واذا كان هناك من يشاهد ذلك ويطلع عليه ومضت المدة ومات لم تسمع أيضا دعوى ورثته كما فى الخلاصة والولواجية والظاهر أن الموت ليس بقيد وأنه لا تقدير بمدة مع الاطلاع على التصرف كما يدل على ذلك ما ذكر صاحب الكنز والملتقى من أنه اذا باع رجل عقارا أو حيوانا أو ثوبا وابنه أو امرأته أو غيرهما من أقاربه حاضرون يعملون به ثم ادعى أحدهم أنه ملكه لا تسمع دعواه فقد جاء ذلك فى نقلهم مطلقا وجعل السكوت كالايضاح منعا للتزوير والحيل بخلاف الأجنبى فان سكوته ولو كان جارا لا يكون رضا الا اذا سكت الجار وقت البيع والتسليم وتصرف المشترى فيه زرعا أو بناء فعندئذ لا تسمع دعواه على ما عليه الفتوى قطعا للاطماع الفاسدة وقد جعلوا مجرد السكوت عند التصرف بالبيع مانعا من دعوى


(١) تحرير الاحكام ح‍ ٢ ص ١٨٥ وما بعدها.
(٢) التكملة ح‍ ١ ص ٢٩٢، ٣٤٦ وما بعدها فى عدم سماع الدعوى اذا كذبها ظاهرها.
(٣) الدر وتكملة ابن عابدين ح‍ ١ ص ٣٤٦ وما بعدها ومطالب أولى النهى ح‍ ٦ ص ٥٠٢.