للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معلم فأخذ صيدا فقتله وأكل منه ثم اتبع صيدا آخر فقتله ولم يأكل منه فانه لا يؤكل واحد منهما، لأنه لما أكل دل على عدم التعليم أو على النسيان فلا يحل صيده بعد (١) ذلك، ومثله ما لو أرسل الكلب المعلم على صيد فتبعه فنهشه فقطع منه قطعة فأكلها ثم أخذ الصيد بعد ذلك فقتله ولم يأكل منه شيئا فانه لا يؤكل لأن الأكل منه فى حال الاصطياد دليل على عدم التعليم، فان نهشه فألقى منه بضعة والصيد حى ثم اتبع الصيد بعد ذلك فأخذه فقتله ولم يأكل منه شيئا جاز أكله لأنه لم يوجد منه ما يدل على عدم التعلم لأنه انما قطع قطعة منه ليثخنه فيتوصل به الى أخذه فكان بمنزلة الجرح (٢)، هذا وقد ذكر صاحب البدائع أن الارسال من شروط‍ الحيوان المرسل للصيد وكذلك الزجر عند عدمه على وجه ينزجر فيما يحتمل ذلك وهو الكلب وما فى معناه، حتى لو ترسل بنفسه ولم يزجره صاحبه فيما ينزجر بالزجر لا يحل صيده الذى قتله لأن الارسال فى صيد الجوارح أصل ليكون القتل والجرح مضافا الى المرسل الا أن عند عدمه يقام الزجر مقام الانزجار فيما يحتمل قيام ذلك مقامه، فان لم يوجد فلا تثبت الاضافة فلا يحل، فلو أرسل مسلم كلبه وسمى فزجره مجوسى فانزجر فانه يؤكل صيده، ولو انعكس الأمر فأرسل مجوسى كلبه فزجره مسلم فانزجر لا يؤكل صيده، وكذا لو أرسل مسلم كلبه وترك التسمية عمدا فاتبع الصيد ثم زجر فانزجر لا يؤكل صيده، ولو لم يرسله أحد وانبعث بنفسه فاتبع الصيد فزجره مسلم وسمى فانزجر يؤكل صيده، وان لم ينزجر لا يؤكل، وانما كان كذلك لأن الارسال هو الأصل والزجر كالخلف عنه والخلف يعتبر حال عدم الاصل لا حال وجوده ففى المسائل الثلاثة وجد الاصل فلا يعتبر الخلف الا أن فى المسألة الأولى المرسل من أهل الارسال فيؤكل صيده وفى المسألة الثانية ليس من أهل الارسال فلا يؤكل وفى المسألة الرابعة لم يوجد الأصل فيعتبر الخلف فيؤكل صيده ان انزجر، ولا يؤكل ان لم ينزجر لأن الزجر بدون الانزجار لا يصلح خلفا عن ارسال فكان ملحقا بالعدم فيصير كأنه يرسل بنفسه من غير ارسال ولا زجر، ولان العبرة بالارسال فلو أرسله مسلم وسمى وزجره رجل ولم يسم على زجره فأخذ الصيد وقتله يؤكل لما ذكرنا أن العبرة للارسال فيعتبر وجود التسمية عنده (٣).

هذا ومن شروط‍ الحيوان المرسل بقاء الارسال - على ما جاء فى بدائع الصنائع - وهو أن يكون أخذ الكلب


(١) المرجع السابق ج ٥ ص ٥٣.
(٢) المرجع السابق ج ٥ ص ٥٤.
(٣) المرجع السابق ج ٥ ص ٥٥.