للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به الحل، هذا وان كان الحس حس صيد فأصاب صيدا ذكر الكاسانى أنه يؤكل مطلقا - فى قول أصحابنا الثلاثة - سواء كان ذلك الحس حس صيد مأكول أو غير مأكول بعد أن كان المصاب صيدا مأكولا، لان الارسال الى الصيد اصطياد مباح مأكولا كان الصيد أو غير مأكول فتتعلق به اباحة الصيد المأكول لان حل الصيد المأكول يتعلق بالارسال فاذا كان الارسال حلالا يثبت حل صيده الا أنه لا يثبت بحل الارسال حل حكم المرسل اليه لان حرمته ثبتت لمعنى يرجع الى المحل فلا تتبدل بالفعل، ولان المعتبر فى الارسال هو قصد الصيد فأما التعيين فليس بشرط‍ وقد قصد الصيد حلالا كان أو حراما بخلاف ما اذا كان الحس حس آدمى لان الارسال على الادمى ليس باصطياد، فضلا عن أن يكون حلالا اذ لا يتعلق حل الصيد بما ليس باصطياد، وفرق زفر بين حس ما يؤكل وحس مالا يؤكل فقال: ان كان ذلك الحس حس صيد لا يؤكل لحمه كالسباع ونحوها لا يؤكل لان السبع غير مأكول فالرمى والارسال اليه لا يثبت به حل الصيد المأكول، وروى عن أبى يوسف رحمه الله أنه ان كان حس ضبع جاز أن يؤكل الصيد، وان كان حس خنزير لم يؤكل الصيد لان الخنزير محرم العين حتى لا يجوز الانتفاع به بوجه فسقط‍ اعتبار الارسال عليه والتحق بالعدم، أما سائر السباع فجائز الانتفاع بها فى غير جهة الاكل فكان الارسال اليها معتبرا، واذا سمع حسا ولكنه لا يعلم أنه حس صيد أو غير صيد فأرسل فأصاب صيدا لم يؤكل لانه اذا لم يعلم استوى الحظر والاباحة فكان الحكم للحظر احتياطا (١)، ولو أرسل كلبه على ظبى موثق فأصاب صيدا لم يؤكل لان الموثق ليس بصيد لعدم معنى الصيد فيه وهو الامتناع فأشبه شاة، وكذا لو أرسل بازه على ظبى وهو لا يصيد الظبى فأصاب صيدا لم يؤكل لان هذا ارسال لم يقصد به الاصطياد فصار كمن أرسل كلبا على قتل رجل فأصاب صيدا (٢).

هذا والحنفية على أن وقت الارسال هو وقت التسمية فى الذكاة الاضطرارية لا وقت الاصابة لقول النبى صلى الله عليه وسلم لعدى بن حاتم رضى الله عنه حين سأله عن صيد المعراض والكلب:

اذا رميت بالمعراض وذكرت اسم الله عليه فكل وان أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل. فالسهم والكلب آلة الجرح، والفعل يضاف الى مستعمل الآلة لا الى الى الآلة، لذلك أعتبر وجود التسمية وقت الذبح والجرح وهو وقت الرمى والارسال، فاذا أرسل كلبا على صيد وسمى فأخطأ الكلب الصيد فأخذ غير الذى أرسله عليه فقتله فلا بأس بأن يأكله لوجود التسمية على السهم


(١) المرجع السابق ج ٥ ص ٥٧.
(٢) المرجع السابق ج ٥ ص ٥٨.